قيل في سنة سبع عشرة أذن عمر للمسلمين في الانسياح في بلاد فارس ، وانتهى في ذلك إلى رأي الأحنف ، وقد قيل: إنما كان ذلك في سنة ثمان عشرة . فقال الأحنف لعمر: يا أمير المؤمنين ، إنك نهيتنا عن الانسياح في البلاد ، وأمرتنا بالاقتصار على ما في أيدينا ، وإن ملك فارس حي بين أظهرهم ، وإنهم لا يزالون يساجلوننا ما دام ملكهم فيهم ، ولم يجتمع ملكان فاتفقا حتى يخرج أحدهما صاحبه ، وإن ملكهم هو الذي يبعثهم ، فلا يزال هذا دأبهم حتى تأذن لنا فنسيح في بلادهم حتى نزيله عن فارس ، ونخرجه من مملكته ، ونقتله أو نلجئه إلى غير مملكته ، وغير أمته ، فهنالك ينقطع رجاء أهل فارس ، فقال: صدقتني والله وشرحت لي الأمر . ثم نظر في حوائجهم وسرحهم . فأمر أبا موسى أن يسير من البصرة إلى منقطع ذمة البصرة فيكون هناك حتى يأتيه أمره ، وبعث بألوية من ولى مع سهيل بن عدي ، فدفع لواء خراسان إلى الأحنف بن قيس ، ولواء أردشير خره وسابور إلى مجاشع بن مسعود السلمي ، ولواء إصطخر إلى عثمان بن أبي العاص الثقفي ، ولواء فسا ودارابجرد إلى سارية بن زنيم الكناني ، ولواء كرمان إلى سهيل بن عدي ، ولواء سجستان إلى عاصم بن عمرو ، وكان من الصحابة ، ولواء مكران إلى الحكم بن عمير التغلبي ، فخرجوا ولم يتهيأ مسيرهم إلى سنة ثماني عشرة ، وأمدهم عمر بنفر من أهل الكوفة ، فأمد سهيل بن عدي بعبد الله بن عتبان ، وأمد عاصم بن عمرو بعبد الله بن عمير الأشجعي ، وأمد الحكم بن عمير بشهاب بن المخارق في جموع .
وقيل : كان ذلك سنة إحدى وعشرين ، وقيل : سنة اثنتين وعشرين .
التالي
السابق