وفيها تزوج عثمان نائلة بنت الفرافصة ، وكانت نصرانية فأسلمت قبل أن يدخل بها . قال ابن الكلبي : كل اسم في المغرب فرافصة بضم الفاء ، إلا نائلة بنت الفرافصة ، فإنها بفتح الفاء .

عن أبو عبيدة قال: لما تزوج عثمان بن عفان نائلة بنت الفرافصة اهتداها فبعث بها أبوها إليه مع أخيها ضب ، فلما فصلت من السماوة إلى المدينة خرجت من فراق أهلها وبلادها فقالت:


أحقا تراه اليوم يا ضب إنني مصاحبة نحو المدينة أركبا     أما كان في فتيان حصن بن ضمضم
لك الويل ما يغني الخباء المحجبا      [قضى الله حقا أن تموتي غريبة
بيثرب لا تلقين أما ولا أبا

.

وعن مولى لطلحة: أن عثمان رضي الله عنه استعمل الوليد بن عقبة على صدقات كليب ، فزوجه نائلة بنت الفرافصة الكلبي ، فلما قدم قال: إني زوجتك نائلة بنت الفرافصة . فقال: زوجتني نصرانية؟ قال: إنها إذا قدمت إليك أسلمت . فلما قدم دخل عليها عثمان بن عفان ، فصلى ركعتين ، ثم قال: يا هذه ، تأتينا أو نأتيك؟ قالت: بل نأتيك ونعمة العين ، فقد تجشمت المسير إليك من أبعد ما بيني وبينك من البيت ، فقامت حتى جلست إلى عثمان بن عفان ، فقال لها عثمان: إنك لعلك ترين شيبا وتقلبا في السن ، فإن وراء ذلك غلالة من شباب . فقالت:

إن أحب الخلطاء إلي لمن ذهبت عنه ميعة الشباب ، واجتمع حلمه ، ووثق برأيه . فلما خرج قال له الناس: يا أمير المؤمنين ، كيف رأيت أهلك؟ قال: رأيت أوفى عقلا من الداخلة علي .

وفي رواية: أن سعيد بن العاص كان على الكوفة ، فتزوج هند بنت الفرافصة ، فبلغ ذلك عثمان ، فكتب إليه: بلغني أنك تزوجت امرأة ، فاكتب إلي بنسبها وجمالها .

فكتب إليه إن كانت لها أخت فزوجنيها ، فبعث سعيد إلى الفرافصة يخطب إحدى بناته على عثمان ، فأمر الفرافصة ابنه ضبا فزوجها إياه ، وكان ضب مسلما ، والفرافصة نصرانيا ، فلما أرادوا نقلها قال لها أبوها: إنك تقدمين على نساء من نساء قريش ، من أقدر على الطيب منك ، فاحفظي عني خصلتين: تكحلي وتطيبي بالماء حتى تكون ريحك ريح شن أصابه مطر . فلما جملت كربت لكربه ، وحزنت لفراق أهلها ، وأنشدت:


ألست ترى بالله يا ضب أنني     مصاحبة نحو المدينة أركبا
لقد كان في أبناء حصن بن ضمضم     لك الويل ما يغني الخباء المطنبا

فلما قدمت على عثمان وضع عمامته فبدا الصلع ، فقال: لا يهولنك ما ترين من صلعي ، فإن وراءه ما تحبين . فسكتت . فقال: إما أن تقومي إلي وإما أن أقوم إليك .

فقالت: أما ما ذكرت من الصلع فإني من نساء أحب بعولتهن السادة الصلع ، وأما قولك:

إن تقومي أو أقوم ، فوالله لما تجشمت من حسبات السماوة أبعد مما بيني وبينك ، بل أقوم إليك . فقامت ، فجلست إلى جنبه ، فمسح رأسها ودعا لها بالبركة ، ثم قال: اطرحي عنك رداءك . فطرحته ، ثم قال: حلي إزارك . فقالت: ذاك إليك . فحل إزارها ، وكانت من أحظى نسائه عنده .

وعن يحيى بن محمد بن عبد الله بن ثوبان قال: نظرت نائلة بنت الفرافصة ، امرأة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، في المرآة ، فأعجبها ثغرها ، فأخذت فهرا فكسرت ثناياها ، وقالت: والله لا يجب لك أحد بعد عثمان وفي هذه السنة: غزا حبيب بن سلمة سورية [من أرض] الروم .

وفيها بنى عثمان الزوراء .

وحج بالناس عثمان هذه السنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية