وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل عثمان ، رضي الله عنه ، نذكر ما تيسر منها إن شاء الله تعالى ، وبه الثقة ; وهي قسمان : الأول : فيما ورد في فضائله مع غيره

فمن ذلك : الحديث الذي رواه البخاري في " صحيحه " بسنده عن قتادة أن أنسا حدثهم قال : صعد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف ، فقال : " اسكن أحد - أظنه ضربه برجله - فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان " تفرد به دون مسلم .

حديث آخر : وهو ما ثبت في " الصحيحين " من حديث أبي عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري قال : كنت مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في حائط ، فأمرني بحفظ الباب ، فجاء رجل يستأذن ، فقلت : من هذا ؟ قال : أبو بكر . فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " ائذن له وبشره بالجنة " . ثم جاء عمر فقال : " ائذن له وبشره بالجنة " . ثم جاء عثمان فقال : " ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه " . فدخل وهو يقول : اللهم صبرا . وفي رواية : الله المستعان . وزاد عاصم : أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كان قاعدا في مكان فيه ماء قد انكشف عن ركبتيه ، أو ركبته ، فلما دخل عثمان غطاها . وهو في " الصحيحين " أيضا ، من حديث سعيد بن المسيب عن أبي موسى وفيه : أن أبا بكر وعمر دليا أرجلهما مع رسول الله في باب القف وهو في البئر ، وجاء عثمان فلم يجد له موضعا فجلس ناحية . قال سعيد بن المسيب فأولت ذلك قبورهم ; اجتمعت وانفرد عثمان .

حديث آخر : عن يحيى بن سعيد بن العاص أن سعيد بن العاص أخبره أن عائشة زوج النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وعثمان حدثاه ، أن أبا بكر استأذن على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة ، فأذن لأبي بكر وهو كذلك ، فقضى إليه حاجته ، ثم انصرف ، فاستأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحالة ، فقضى إليه حاجته ثم انصرف ، قال عثمان : ثم استأذنت عليه ، فجلس وقال : " اجمعي عليك ثيابك " . فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت . فقالت عائشة : يا رسول الله مالي لا أراك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان ؟ فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحالة لا يبلغ إلي حاجته . قال الليث : وقال جماعة الناس : إن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال لعائشة : ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة ! .

حديث آخر : قال الإمام وعن أنس قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أرحم أمتي أبو بكر ، وأشدها في دين الله عمر ، وأشدها حياء عثمان ، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وأقرؤها لكتاب الله أبي ، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت ، ولكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح . حديث آخر : عن جابر بن عبد الله أنه كان يحدث أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ( أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ونيط عمر بأبي بكر ، ونيط عثمان بعمر . قال جابر : فلما قمنا من عند رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قلنا : أما الرجل الصالح فرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأما ما ذكر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، من نوط بعضهم لبعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه ، صلى الله عليه وسلم .

حديث آخر : عن ابن عمر قال : خرج علينا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ذات غداة بعد طلوع الشمس فقال : رأيت قبيل الفجر كأني أعطيت المقاليد والموازين ، فأما المقاليد فهذه المفاتيح ، وأما الموازين فهي التي تزنون بها ، فوضعت في كفة ، ووضعت أمتي في كفة ، فوزنت بهم فرجحت ، ثم جيء بأبي بكر فوزن بهم فوزن ، ثم جيء بعمر فوزن فوزن ، ثم جيء بعثمان فوزن بهم ، ثم رفعت تفرد به أحمد .

حديث آخر : عن عائشة قالت : لما أسس رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، مسجد المدينة جاء بحجر فوضعه ، وجاء أبو بكر بحجر فوضعه ، وجاء عمر بحجر فوضعه ، وجاء عثمان بحجر فوضعه ، قالت : فسئل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن ذلك ، فقال : هذا أمر الخلافة من بعدي وعن أبي ذر في تسبيح الحصا في يده عليه الصلاة والسلام ، ثم في كف أبي بكر ، ثم في كف عمر ، ثم في كف عثمان ، رضي الله عنهم . وفي بعض الروايات : فقال : رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : هذه خلافة النبوة

وسيأتي حديث سفينة أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا فكانت ولاية عثمان ، ومدتها ثنتي عشرة سنة ، من جملة هذه الثلاثين بلا خلاف بين العلماء العاملين ، كما أخبر به سيد المرسلين ، صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

حديث آخر : وهو ما روي من طرق متعددة عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أنه شهد للعشرة بالجنة ، وعثمان منهم بنص النبي ، صلى الله عليه وسلم ، على ذلك .

حديث آخر : عن ابن عمر قال : كنا في زمن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لا نعدل بأبي بكر أحدا ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم نترك أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لا نفاضل بينهم . طريق أخرى عن ابن عمر ، رضي الله عنهما : قال الإمام أحمد : بسنده عن ابن عمر قال : كنا نعد ورسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حي وأصحابه متوافرون ; أبو بكر وعمر وعثمان ، ثم نسكت .

التالي السابق


الخدمات العلمية