عزل سعيد عن المدينة واستعمال مروان وفي سنة أربع وخمسين عزل معاوية سعيد بن العاص عن المدينة واستعمل مروان

وسبب ذلك أن معاوية كان يغري بين مروان وسعيد بن العاص ، فكتب إلى سعيد وهو على المدينة : اهدم دار مروان ، فلم يهدمها ، فأعاد إليه الكتاب مرة بعد مرة فلم يفعل ، فعزله معاوية ، وولى مروان وكتب إليه يأمره بقبض أموال سعيد بن العاص وهدم داره ، فأخذ الفعلة وسار إلى دار سعيد ليهدمها ، فقال له سعيد : يا أبا عبد الملك أتهدم داري ؟ قال : نعم ، كتب إلي أمير المؤمنين ، ولو كتب إليك في هدم داري لفعلت :

فقال : ما كنت لأفعل :

قال : بلى والله :

قال : كلا :

وقال لغلامه : ائتني بكتاب معاوية ، فجاءه بالكتابين ، فلما رآهما مروان قال : كتب إليك فلم تفعل ولم تعلمني ؟ فقال سعيد : ما كنت لأمن عليك ، وإنما أراد معاوية أن يحرض بيننا :

فقال مروان : أنت والله خير مني . وعاد ولم يهدم دار سعيد ، وكتب سعيد إلى معاوية : العجب مما صنع أمير المؤمنين بنا في قرابتنا ! إنه يضغن بعضنا على بعض ، فأمير المؤمنين في حلمه وصبره على ما يكره من الأخبثين ، وعفوه وإدخاله القطيعة بيننا والشحناء ، وتوارث الأولاد ذلك ، فوالله لو لم نكن أولاد أب واحد لما جمعنا الله عليه من نصرة أمير المؤمنين الخليفة المظلوم ، واجتماع كلمتنا ، لكان حقا على أمير المؤمنين أن يرعى ذلك .

فكتب إليه معاوية يعتذر من ذلك ويتنصل وأنه عائد إلى أحسن ما يعهده .

وقدم سعيد على معاوية فسأله عن مروان فأثنى عليه خيرا ، فقال له معاوية : ما باعد بينه وبينك ؟ قال : خافني على شرفه وخفته على شرفي :

قال : فماذا له عندك ؟ قال : أسره شاهدا وغائبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية