هو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ، أبو عبد الله القرشي الهاشمي ، السبط الشهيد بكربلاء ، ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة الزهراء وريحانته من الدنيا ، ولد بعد أخيه الحسن ،
وكان مولد الحسن في سنة ثلاث من الهجرة . وقال بعضهم : إنما كان بينهما طهر واحد ومدة الحمل . وولد لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع .
وقال قتادة : ولد الحسين لست سنين وخمسة أشهر ونصف من التاريخ ،
وقتل يوم الجمعة يوم عاشوراء في المحرم سنة إحدى وستين ، وله أربع وخمسون سنة وستة أشهر ونصف ، رضي الله عنه .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حنكه ، وتفل في فيه ، ودعا له ، وسماه حسينا ، وقد كان سماه أبوه قبل ذلك حربا ، وقيل : جعفرا . وقيل : إنما سماه يوم سابعه وعق عنه .
وعن علي ، رضي الله عنه قال : الحسن أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس ، والحسين أشبه به ما كان أسفل من ذلك .
وقال الزبير بن بكار : حدثني محمد بن الضحاك الحزامي قال : كان
وجه الحسن يشبه وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان جسد الحسين يشبه جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال سفيان : قلت لعبيد الله بن أبي يزيد : رأيت الحسين ؟ قال : نعم ، أسود الرأس واللحية إلا شعرات هاهنا في مقدم لحيته ، فلا أدري أخضب وترك ذلك المكان تشبها برسول الله صلى الله عليه وسلم أو لم يكن شاب منه غير ذلك ؟
وقال ابن جريج : سمعت عمر بن عطاء قال : رأيت الحسين بن علي يصبغ بالوسمة ، أما هو فكان ابن ستين ، وكان رأسه ولحيته شديدي السواد .
معاصرة الحسين للنبي صلى الله عليه وسلم وقد أدرك الحسين من حياة النبي صلى الله عليه وسلم خمس سنين أو نحوها ، وروى عنه أحاديث .
وقال مسلم بن الحجاج : له رؤية من النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد روى صالح بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، أنه قال في الحسن بن علي : إنه تابعي ثقة . وهذا غريب ، فلأن يقول في الحسين : إنه تابعي بطريق الأولى .
والمقصود أن الحسين عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه إلى أن توفي وهو عنه راض ، ولكنه كان صغيرا ، ثم كان الصديق يكرمه ويعظمه ، وكذلك عمر وعثمان ، وصحب أباه وروى عنه ، وكان معه في مغازيه كلها في الجمل وصفين ، وكان معظما موقرا ، ولم يزل في طاعة أبيه حتى قتل ، فلما آلت الخلافة إلى أخيه ، وأراد أن يصالح معاوية شق ذلك عليه ، ولم يسدد رأي أخيه في ذلك ، بل حثه على قتال أهل الشام ، فقال له أخوه : والله لقد هممت أن أسجنك في بيت ، وأطبق عليك بابه حتى أفرغ من هذا الشأن ، ثم أخرجك . فلما رأى الحسين ذلك سكت وسلم. إكرام معاوية للحسن والحسين في خلافته فلما استقرت الخلافة لمعاوية كان الحسين يتردد إليه مع أخيه الحسن ، فكان معاوية يكرمهما إكراما زائدا ، ويقول لهما : مرحبا وأهلا . ويعطيهما عطاء جزيلا ، وقد أطلق لهما في يوم واحد مائتي ألف ، وقال : خذاها وأنا ابن هند ، والله لا يعطيكماها أحد قبلي ولا أحد بعدي . فقال الحسين : والله لن تعطي أنت ولا أحد قبلك ولا بعدك رجلين أفضل منا . ولما توفي الحسن كان الحسين يفد إلى معاوية في كل عام فيعطيه ويكرمه ، وقد
كان في الجيش الذين غزوا القسطنطينية مع ابن معاوية يزيد ، في سنة إحدى وخمسين . فضائل الحسين رضي الله عنه وروى البخاري بسنده عن ابن أبي نعم قال : سمعت عبد الله بن عمر ، وسأله رجل من أهل العراق عن المحرم يقتل الذباب ، فقال : أهل العراق يسألون عن قتل الذباب ، وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ! وقد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هما ريحانتاي من الدنيا " ؟ !
وقال الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
من أحبهما فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني " . يعني حسنا وحسينا .
وقال الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة قال : نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي والحسن والحسين وفاطمة فقال :
" أنا حرب لمن حاربكم ، سلم لمن سالمكم " . تفرد بهما الإمام أحمد .
بسنده عن أبي هريرة قال :
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه حسن وحسين ، هذا على عاتقه ، وهذا على عاتقه ، وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة ، حتى انتهى إلينا ، فقال له رجل : يا رسول الله ، والله إنك لتحبهما . فقال : " من أحبهما فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني " . تفرد به أحمد .
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي بسنده عن أنس بن مالك يقول :
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي أهل بيتك أحب إليك ؟ قال : " الحسن والحسين " . قال : وكان يقول : " ادع لي ابني " . فيشمهما ويضمهما إليه .
وقال الإمام أحمد بسنده عن أنس ،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر ، فيقول : " الصلاة يا أهل البيت ، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " . وعن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا ، إذ جاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران ، يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر فحملهما ، فوضعهما بين يديه ، ثم قال : " صدق الله : " إنما أموالكم وأولادكم فتنة " فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران ، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما " . وعن يعلى بن مرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512599الحسن والحسين سبطان من الأسباط " .
وقال الإمام أحمد بسنده عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة
وقد قال الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة قال
كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ، فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره ، فإذا رفع رأسه أخذهما أخذا رفيقا ، فيضعهما على الأرض ، فإذا عاد عادا ، حتى قضى صلاته أقعدهما على فخذيه . قال : فقمت إليه فقلت : يا رسول الله ، أردهما ؟ فبرقت برقة فقال لهما : " الحقا بأمكما " . قال : فمكث ضوءها حتى دخلا .
وقال الإمام أحمد بسنده عن علي قال :
دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم على المنامة ، فاستسقى الحسن أو الحسين ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة لنا بكئ فحلبها فدرت ، فجاءه الآخر فنحاه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت فاطمة : يا رسول الله ، كأنه أحبهما إليك ؟ قال : " لا ، ولكنه استسقى قبله " . ثم قال : " إني وإياك وهذين وهذا الراقد في مكان واحد يوم القيامة " .
إكرام عمر بن الخطاب للحسن والحسين رضي الله عنهم وقد ثبت
أن عمر بن الخطاب كان يحبهما ويكرمهما ويحملهما ويعطيهما في الديوان كما يعطي أباهما ، وجيء مرة بحلل من اليمن ، فقسمها بين أبناء الصحابة ، ولم يعطهما منها شيئا ، وقال : ليس فيها شيء يصلح لهما . ثم بعث إلى نائب اليمن ، فاستعمل لهما حلتين تناسبهما .
وقال محمد بن سعد بسنده عن العيزار بن حريث قال : بينما عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة إذ رأى الحسين بن علي مقبلا ، فقال : هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء .
وقال الزبير بن بكار بسنده عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512603أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بايع الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر ، وهم صغار لم يبلغوا ، ولم يبايع صغيرا إلا منا .
وقال محمد بن سعد بسنده عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : حج الحسين بن علي خمسا وعشرين حجة ماشيا ، ونجائبه تقاد بين يديه .
والصواب أن ذلك إنما هو الحسن أخوه ، كما حكاه البخاري .
وقال المدائني : جرى بين الحسن والحسين كلام فتهاجرا ، فلما كان بعد ذلك أقبل الحسن إلى الحسين ، فأكب على رأسه فقبله ، وقال : إن الذي منعني من ابتدائك بهذا أني رأيت أنك أحق بالفضل مني ، فكرهت أن أنازعك ما أنت أحق به .
وحكى الأصمعي بسنده أن الحسن كتب إلى الحسين يعيب عليه إعطاء الشعراء ، فقال الحسين : إن خير المال ما وقى العرض .
وقد روى الطبراني بسنده عن سليمان بن الهيثم قال : كان الحسين بن علي يطوف بالبيت ، فأراد أن يستلم ، فأوسع له الناس ، والفرزدق بن غالب ينظر إليه ، فقال رجل : يا أبا فراس ، من هذا ؟ فقال الفرزدق :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم
هذا التقي النقي الطاهر العلم يكاد يمسكه عرفان راحته
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم إذا رأته قريش قال قائلها
إلى مكارم هذا ينتهي الكرم يغضي حياء ويغضى من مهابته
فما يكلم إلا حين يبتسم في كفه خيزران ريحها عبق
بكف أروع في عرنينه شمم مشتقة من رسول الله نسبته
طابت عناصره والخيم والشيم لا يستطيع جواد بعد غايته
ولا يدانيه قوم إن هم كرموا أي العشائر ليست في رقابهم
لأولية هذا أو له نعم من يعرف الله يعرف أولية ذا
فالدين من بيت هذا ناله الأمم
هكذا أوردها الطبراني في ترجمة الحسين في " معجمه الكبير " وهو غريب ، فإن المشهور أنها من قيل الفرزدق في علي بن الحسين ، لا في أبيه ، وهو أشبه ; فإن الفرزدق لم ير الحسين إلا وهو مقبل إلى الحج والحسين ذاهب إلى العراق ، فسأل الحسين الفرزدق عن الناس ، فذكر له ما تقدم ، ثم إن الحسين قتل بعد مفارقته له بأيام يسيرة ، فمتى رآه يطوف بالبيت ؟ ! والله أعلم .
وروى هشام ، عن عوانة قال : قال عبيد الله بن زياد لعمر بن سعد : أين الكتاب الذي كتبته إليك في
قتل الحسين ؟ فقال : مضيت لأمرك وضاع الكتاب . فقال له ابن زياد : لتجيئن به . قال : ضاع . قال : والله لتجيئن به . قال : ترك والله يقرأ على عجائز قريش أعتذر إليهن بالمدينة ، أما والله لقد نصحتك في حسين نصيحة لو نصحتها أبي سعد بن أبي وقاص لكنت قد أديت حقه . فقال عثمان بن زياد أخو عبيد الله : صدق عمر والله ، ولوددت والله أنه ليس من بني زياد رجل إلا وفى أنفه خزامة إلى يوم القيامة وأن حسينا لم يقتل . قال : فوالله ما أنكر ذلك عليه عبيد الله .