وفي سنة ثمان وستين كان بالشام قحط شديد ، حتى إنهم لم يقدروا من شدته على الغزو . لضعفهم وقلة طعامهم وميرتهم . وفيها عسكر عبد الملك بن مروان ببطنان [ حبيب ] ، وهو قريب [ من ] قنسرين ، وشتى بها ثم رجع إلى دمشق . وقيل في سنة ثمان وستين
وافى عرفات أربعة ألوية : لواء لابن الحنفية وأصحابه ، ولواء لابن الزبير وأصحابه ، ولواء لبني أمية ، ولواء لنجدة الحروري ، ولم يجر بينهم حرب ولا فتنة ، وكان أصحاب ابن الحنفية أسلم الجماعة .
وقد روى سعيد بن جبير عن أبيه ، قال: خفت الفتنة فجئت إلى محمد بن علي فقلت: اتق الله فإنا في بلد حرام ، والناس وفد الله إلى هذا البيت ، فلا تفسد عليهم حجتهم . فقال: والله ما أريد ذلك ، ولا يؤتى أحد من الحاج من قبلي ، ولكني رجل أدفع عن نفسي ، فجئت إلى ابن الزبير فكلمته في ذلك فقال: أنا رجل قد أجمع الناس علي ، فقلت: أرى الكف خيرا لك ، قال: أفعل . فجئت نجدة فكلمته في ذلك ، فقال: أما أن أبتدئ أحدا بقتال فلا ، ولكن من بدأ بقتالي قاتلته . ثم جئت شيعة بني أمية فكلمتهم بنحو ذلك ، فقالوا: نحن عزمنا على أن لا نقاتل أحدا إلا أن يقاتلنا . وكان أول من دفع راية ابن الحنفية ، ثم نجدة ، ثم بنو أمية ، ثم دفع ابن الزبير فدفع الناس معه وكان عبد الله بن عمر فيمن انتظر دفع ابن الزبير ، ولكنه تأخر دفعه فقال ابن عمر : أشبه بتأخيره دفع الجاهلية ، فدفع ابن عمر فدفع ابن الزبير وكان العامل لابن الزبير على المدينة هذه السنة جابر بن الأسود بن عوف الزهري ، وعلى البصرة والكوفة مصعب أخوه ، وعلى قضاء الكوفة عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وعلى قضاء البصرة هشام بن هبيرة ، وعلى خراسان عبد الله بن خازم ، وكان عبد الملك بن مروان بالشام مشاققا لابن الزبير . وفي سنة ثمان وستين هلك ملك الروم قسطنطين بن قسطنطين ببلده ، لعنه الله .