عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي

وممن قتل مع ابن الزبير في سنة ثلاث وسبعين بمكة من الأعيان :

عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي ، أبو صفوان المكي

وكان أكبر ولد أبيه ، أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وروى عن عمر وجماعة من الصحابة ، وحدث عنه خلق من التابعين ، وكان سيدا شريفا مطاعا حليما ، يحتمل الأذى ، لو سبه عبد أسود ، ما استنكف عنه ، ولم يقصده أحد في شيء فرده خائبا ، ولا سمع بمفازة إلا حفر جبا ، أو عمل فيها بركة ، ولا عقبة إلا سهلها .

وقيل : إن المهلب بن أبي صفرة قدم على ابن الزبير من العراق ، فأطال الخلوة معه ، فجاء ابن صفوان فقال : من هذا الذي شغلك منذ اليوم ؟ قال : هذا سيد العرب من أهل العراق . فقال : ينبغي أن يكون المهلب . فقال المهلب لابن الزبير : ومن هذا الذي يسأل عني يا أمير المؤمنين ؟ قال : هذا سيد قريش بمكة . فقال : ينبغي أن يكون عبد الله بن صفوان . وكان ابن صفوان كريما جدا .

وقال الزبير بن بكار بسنده : إن معاوية قدم حاجا فتلقاه الناس ، فكان عبد الله بن صفوان في جملة من تلقاه ، فجعل يساير معاوية ، وجعل أهل الشام يقولون : من هذا الذي يساير أمير المؤمنين ؟ فلما انتهى إلى مكة إذا الجبل أبيض من الغنم ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هذه غنم أجزرتكها ; تقسمها بين الجند . فإذا هي ألفا شاة ، فقالوا : ما رأينا أكرم من ابن عم أمير المؤمنين .

ثم كان ابن صفوان من جملة من صبر مع ابن الزبير حين حصره الحجاج ، فقال له ابن الزبير : إني قد أقلتك بيعتي ، فاذهب حيث شئت . فقال : إني إنما قاتلت عن ديني . ثم صبر نفسه ، حتى قتل وهو متعلق بأستار الكعبة في هذه السنة ، رحمه الله وأكرم مثواه .

عبد الله بن مطيع بن الأسود بن حارثة

عبد الله بن مطيع بن الأسود بن حارثة القرشي العدوي المدني

ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحنكه ، ودعا له بالبركة ، وروى عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا يقتل قرشي بعد اليوم صبرا إلى يوم القيامة .

وعنه ابناه : إبراهيم ، و محمد ، والشعبي ، وعيسى بن طلحة بن عبيد الله ، ومحمد بن أبي موسى .

قال الزبير بن بكار : كان ابن مطيع من كبار رجال قريش جلدا وشجاعة ، وأخبرني عمي مصعب أنه كان على قريش يوم الحرة ، وقتل مع ابن الزبير بمكة ، وهو الذي يقول :


أنا الذي فررت يوم الحرة والشيخ لا يفر إلا مرة     لأجبرن كرة بفرة

رحمه الله .

عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي الغطفاني

عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي الغطفاني

صحابي جليل ، شهد مؤتة مع خالد بن الوليد والأمراء قبله ، وشهد الفتح ، وكانت معه راية قومه يومئذ ، وشهد فتح الشام ، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث ، وروى عنه جماعة من التابعين ، وأبو هريرة ، وقد مات قبله ، وقال الواقدي ، وخليفة بن خياط ، وأبو عبيد ، وغير واحد : توفي سنة ثلاث وسبعين بالشام .

أسماء بنت أبي بكر الصديق

أسماء بنت أبي بكر الصديق

والدة عبد الله بن الزبير ، يقال لها : ذات النطاقين ، وإنما سميت بذلك عام الهجرة حين شقت نطاقها ، وربطت به سفرة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حين خرجا إلى غار ثور للهجرة . وأمها قيلة ، وقيل : قتيلة بنت عبد العزى من بني عامر بن لؤي .

أسلمت أسماء قديما ، وهم بمكة في أول الإسلام ، وهاجرت هي وزوجها الزبير ، وهي حامل متم بولدها عبد الله ، فوضعته بقباء ، أول مقدمهم المدينة ، ثم ولدت للزبير بعد ذلك عروة ، و المنذر ، ثم لما كبرت طلقها الزبير ، وقيل : بل قال له عبد الله ابنه : إن مثلي لا توطأ أمه . فطلقها الزبير ، وقيل : بل اختصمت هي والزبير ، فجاء عبد الله ليصلح بينهما ، فقال الزبير : إن دخلت فهي طالق . فدخلت فبانت ، فالله أعلم .

وقد عمرت أسماء دهرا صالحا وأضرت في آخر عمرها ، وقيل : بل كانت صحيحة البصر ، لم يسقط لها سن ، وأدركت قتل ولدها في هذه السنة كما ذكرنا ، ثم ماتت بعده بخمسة أيام . وقيل : بعشرة . وقيل : بعشرين . وقيل : ببضعة وعشرين يوما . وقيل : عاشت بعده مائة يوم . وهو الأشهر ، وبلغت من العمر مائة سنة ، ولم يسقط لها سن ، ولم ينكر لها عقل ، رحمها الله ورضي عنها ، وقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث طيبة مباركة ، رضي الله عنها ورحمها .

وممن توفي فيها غير من تقدم ذكره مع ابن الزبير :

عبد الله بن سعد بن خيثمة الأنصاري

له صحبة ، وشهد اليرموك ، وكان كثير العبادة والغزو .

عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي أبو محمد

له صحبة ورواية ، توفي بالمدينة .

مالك بن مسمع بن غسان البصري

مالك بن مسمع بن غسان البصري

كان شديد الاجتهاد في العبادة والزهادة .

ثابت بن الضحاك الأنصاري

ثابت بن الضحاك الأنصاري

له صحبة ورواية ، توفي بالمدينة ، يقال له : أبو زيد الأشهلي ، وهو من أهل البيعة تحت الشجرة ، قال يحيى بن أبي كثير : أخبرني أبو قلابة ، أن ثابت بن الضحاك أخبره أنه بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله .

زينب بنت أبي سلمة المخزومية

زينب بنت أبي سلمة المخزومية

ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولدتها أمها بالحبشة ، ولها رواية وصحبة .

توبة بن الحمير

توبة بن الحمير

وهو الذي يقال له : مجنون ليلى . كان توبة يشن الغارات على بني الحارث بن كعب ، فرأى ليلى ، فهواها وتهتك بها ، وهام بها محبة وعشقا ، وقال فيها الأشعار الكثيرة القوية الرائقة ، التي لم يسبق إليها ، ولم يلحق فيها ; لكثرة ما فيها من المعاني والحكم ، وقد قيل له مرة : هل كان بينك وبين ليلى ريبة قط ؟ فقال : برئت من شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم إن كنت قط حللت سراويلي على محرم .

وقد دخلت ليلى على عبد الملك بن مروان تشكو ظلامة ، فقال لها : ماذا رأى منك توبة حتى عشقك هذا العشق كله ؟ فقالت : والله يا أمير المؤمنين ، لم يكن بيني وبينه قط ريبة ، ولا خنا ، وإنما العرب تعشق وتعف ، وتقول الأشعار في من تهوى وتحب ، مع العفة والصيانة لأنفسها عن الدناءات . فأزال ظلامتها وأجازها . توفي توبة في هذه السنة ، وقيل : إن ليلى جاءت إلى قبره فبكت عليه حتى ماتت ، والله أعلم . مالك بن مسمع

ومالك بن مسمع أبو غسان البكري ، وقيل : مات سنة أربع وستين ، وولد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

سلم بن زياد بن أبيه

وتوفي سلم بن زياد بن أبيه قبل بشر بن مروان .

معبد بن خالد الجهني

وفيها مات معبد بن خالد الجهني وهو ابن ثمانين سنة ، وله صحبة .

عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله

وفيها قتل عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله مع ابن الزبير ، وهو ابن أخي طلحة بن عبيد الله ، وله صحبة .

صفوان بن محرز المازني

صفوان بن محرز المازني:

كان من كبار العباد الصالحين . وأسند عن ابن عمر ، وأبي موسى ، وعمران بن حصين في آخرين . أخبرنا المعلى بن زياد الفردوسي ، قال: كان لصفوان سرب يبكي فيه .

وعن هشام بن حسان ، عن الحسن ، قال: لقيت أقواما كانوا فيما أحل الله لهم أزهد منكم [فيما حرم الله عليكم] ولقد لقيت أقواما كانوا من حسناتهم أشفق ألا تقبل منهم من سيئاتكم ، ولقد صحبت أقواما كان أحدهم يأكل على الأرض وينام على الأرض ، منهم صفوان بن محرز المازني ، كان يقول: إذا آويت إلى أهلي وأصبت رغيفا أكلته ، فجزى الله الدنيا عن أهلها خيرا ، والله ما زاد على رغيف حتى فارق الدنيا ، فيظل صائما ويفطر على رغيف ويشرب عليه من الماء حتى يتروى ، ثم يقوم فيصلي حتى يصبح ، فإذا صلى الفجر أخذ المصحف فوضعه في حجره يقرأ حتى يترجل النهار ، ثم يقوم فيصلي حتى ينتصف النهار ، فإذا انتصف النهار رمى بنفسه على الأرض فنام إلى الظهر ، وكانت تلك نومته حتى فارق الدنيا ، وكان إذا صلى الظهر قام فصلى إلى العصر ، فإذا صلى العصر وضع المصحف في حجره ، فلا يزال يقرأ حتى تصفر الشمس . عبد الله بن عمر بن الخطاب

عبد الله بن عمر بن الخطاب ، أبو عبد الرحمن:

أسلم بمكة مع أبيه وهو صغير قبل أن يبلغ ، وهاجر مع أبيه ، وشهد غزوة الخندق وما بعدها ، وحضر يوم القادسية ويوم جلولاء وما بينهما من وقائع الفرس .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عبد الله رجل صالح" وقال جابر بن عبد الله: ما أدركنا أحدا إلا وقد مالت به الدنيا إلا ابن عمر .

وقالت عائشة: ما رأيت أحدا ألزم للأمر الأول من ابن عمر .



وقال سعيد بن المسيب: لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر .

وقال طاوس: ما رأيت رجلا أورع من ابن عمر ، وكان يقول في سجوده: قد تعلم أنه ما يمنعني من مزاحمة قريش على هذه الدنيا إلا خوفك .

وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال: اجتمع في الحجر أربعة: مصعب ، وعروة ، وعبد الله بنو الزبير ، وعبد الله بن عمر ، فقالوا: تمنوا ، فقال عبد الله بن الزبير: أما أنا فأتمنى الخلافة ، وقال عروة: أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم . وقال مصعب: أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين . وقال عبد الله بن عمر: وأما أنا فأتمنى المغفرة . قال: فنالوا ما تمنوا ، ولعل ابن عمر قد غفر له .

وعن الشعبي ، قال: لقد رأيت عجبا ، كنا بفناء الكعبة أنا وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير ومصعب بن الزبير وعبد الملك بن مروان ، فقال القوم بعدما فرغوا من حديثهم: ليقم رجل منكم فليأخذ بالركن اليماني وليسأل الله حاجته ، فإنه يعطى سؤله ، قم يا عبد الله بن الزبير فإنك أول مولود في الهجرة ، فقام فأخذ بالركن اليماني ، ثم قال: اللهم إنك عظيم ترجى لكل عظيم أسألك بحرمة وجهك وحرمة عرشك [وحرمة بيتك] وحرمة نبيك عليه السلام ألا تميتني من الدنيا حتى توليني الحجاز ، ويسلم علي بالخلافة . وجاء حتى جلس .

فقالوا: قم يا مصعب ، فقام فأخذ بالركن اليماني ، فقال: اللهم إنك رب كل شيء وإليك يصير كل شيء ، أسألك بقدرتك على كل شيء ألا تميتني من الدنيا حتى توليني العراق وتزوجني سكينة بنت الحسين ، وجاء حتى جلس .

فقالوا: قم يا عبد الملك ، فقام فأخذ بالركن اليماني ، فقال: اللهم رب السموات السبع ورب الأرض ذات النبت بعد القفر ، أسألك ما سألك عبادك المطيعين لأمرك ، وأسألك بحرمة وجهك ، وأسألك بحقك على جميع خلقك ، وبحق الطائفين حول بيتك ألا تميتني من الدنيا حتى توليني شرق الأرض وغربها ، ولا ينازعني أحد إلا أتيت برأسه ، ثم جاء حتى جلس .

ثم قالوا: قم يا عبد الله بن عمر ، فقام حتى أخذ بالركن اليماني ثم قال: اللهم إنك رحمان رحيم ، أسألك برحمتك التي سبقت غضبك ، وأسألك بقدرتك على جميع خلقك ألا تميتني من الدنيا حتى توجب لي الجنة .

قال الشعبي: فما ذهبت عيناي من الدنيا حتى رأيت كل رجل منهم قد أعطي ما سأل ، وبشر عبد الله بن عمر بالجنة ، ورئيت له .

وعن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن عبد الله بن عمر ، قال: خطرت هذه الآية: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون [3: 92] فذكرت ما أعطاني فما وجدت شيئا أحب إلي من جاريتي رميثة ، فقلت: هي حرة لوجه الله ، فلولا أني لا أعود في شيء جعلته لله نكحتها ، فأنكحها نافعا ، فهي أم ولده .



عن نافع ، قال: كان ابن عمر إذا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه إلى الله عز وجل ، قال نافع: كان رقيقه قد عرفوا ذلك منه ، فربما شمر أحدهم فيلزم المسجد ، فإذا رآه على تلك الحالة الحسنة أعتقه ، فيقول له أصحابه: يا أبا عبد الرحمن ، والله ما بهم إلا أن يخدعوك ، فيقول ابن عمر: من خدعنا بالله انخدعنا له .

قال نافع: ولقد رأيتنا ذات عشية وراح ابن عمر على نجيب له قد أخذه بمال ، فلما أعجبه مسيره أناخه مكانه ثم نزل عنه ، فقال: يا نافع ، انزعوا زمامه ورحله وحللوه وأشعروه وأدخلوه في البدن .

قال نافع: ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان ، وما زاد . وكان يحيي الليل صلاة ، فإذا جاء السحر استغفر إلى الصباح ، وكان يحيي ما بين الظهر إلى العصر . وكان البر لا يعرف في عمر ولا ابن عمر حتى يقولا أو يعملا .

وقال: عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، قال: كان زج رمح رجل من أصحاب الحجاج قد أصاب رجل ابن عمر ، فاندمل الجرح ، فلما صدر الناس انتقض على ابن عمر فدخل الحجاج يعوده ، فقال: من أصابك؟ قال: أنت قتلتني ، قال: وفيم؟ قال: حملت السلاح في حرم الله فأصابني بعض أصحابك ، فلما حضرته الوفاة أوصى ألا يدفن في الحرم ، فغلب فدفن في الحرم وصلى عليه الحجاج .

وعن حنبل بن إسحاق ، قال: حدثني أبو عبد الله ، قال: مات عبد الله بن عمر سنة ثلاث وسبعين .

وكذلك قال أبو نعيم الفضل بن دكين وابن بكير .

وقيل: إنه مات في سنة أربع وسبعين .

وعن سعيد بن عفير قال: في سنة أربع [وسبعين] مات عبد الله بن عمر بمكة ، فدفن بذي طوى في مقبرة المهاجرين ، وقيل: إنه دفن بفج وهو ابن أربع وثمانين .

التالي السابق


الخدمات العلمية