وفي سنة ثلاث وتسعين غزا العباس بن الوليد ففتح سبسطية ، وفيها
غزا مروان بن الوليد الروم حتى بلغ خنجرة . وفيها قحط أهل إفريقية وأجدبوا جدبا شديدا ، فخرج بهم موسى بن نصير يستسقي بهم ، فما زال يدعو حتى انتصف النهار ، فلما أراد أن ينزل عن المنبر قيل له : ألا تدعو لأمير المؤمنين؟ قال : ليس هذا الموضع موضع ذاك . فسقاهم الله مطرا غزيرا .
ضرب عمر بن عبد العزيز خبيب بن عبد الله بن الزبير خمسين سوطا وفيها ضرب عمر بن عبد العزيز خبيب بن عبد الله بن الزبير خمسين سوطا وقيل: مائة سوط عن أمر الوليد بن عبد الملك بذلك ، وصب على رأسه قربة ماء بارد في يوم شات ، ووقفه على باب المسجد ، فمكث يوما ومات .
وكان السبب أن خبيبا حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=913417 "إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا عباد الله خولا ومال الله دولا" . وعن الزبير بن بكار قال: حدثني عمي مصعب بن عبد الله ، قال:
كان خبيب قد لقي العلماء ولقي كعب الأحبار ، وقرأ الكتب ، وكان من النساك ، وأدركه أصحابنا وغيرهم يذكرون أنه كان يعلم علما كثيرا لا يعرفون وجهه ولا مذهبه فيه يشبه ما يدعي الناس من علوم النجوم .
قال عمي مصعب: وحدثت عن مولى لخالته أم هاشم بنت منظور يقال له يعلى بن عقبة ، قال:
كنت أمشي معه وهو يحدث نفسه إذ وقف ثم قال: سأل قليلا فأعطي كثيرا ، وسأل كثيرا فأعطي قليلا ، فطعنه فأرداه فقتله ، ثم أقبل علي فقال: قتل عمرو بن سعيد الساعة ، ثم مضى ، فوجدوا ذلك اليوم الذي قتل فيه عمرو بن سعيد .
وله أشباه هذا يذكرونها والله أعلم ما هي ، وكان طويل الصمت قليل الكلام .
وكان عمر قد أخرجه من المسجد حين اشتد وجعه وندم على ما صنع ، فانتقله آل الزبير في دار من دورهم .
قال عمي مصعب: وأخبرني مصعب بن عثمان أنهم نقلوه إلى دار عمر بن مصعب بن الزبير ، واجتمعوا عنده حتى مات ، فبينا هم جلوس إذ جاءهم الماجشون استأذن عليهم وخبيب مسجى بثوبه ، وكان الماجشون يكون مع عمر بن عبد العزيز في ولايته على المدينة ، فقال عبد الله بن عروة: ائذنوا له ، فلما دخل قال: كان صاحبك في مرية من موته ، اكشفوا له عنه ، فكشفوا له عنه ، فلما رآه الماجشون انصرف . قال الماجشون: فانتهيت إلى دار مروان فقرعت الباب ، فدخلت فوجدت عمر كالمرأة الماخض قائما قاعدا ، فقال لي: ما وراءك؟ فقلت: مات الرجل ، فسقط إلى الأرض فزعا ، ثم رفع رأسه يسترجع ، فلم تزل تعرف فيه حتى مات ، فاستعفى من المدينة ، وامتنع من الولاية
وحدثني عمي قال: حدثني هارون بن أبي عبيد الله بن عبد الله بن مصعب ، قال: سمعت أصحابنا يقولون: قسم فينا عمر بن عبد العزيز قسما في خلافته خصنا به ، فقال الناس: دية خبيب . وكان عمر بن عبد العزيز بعد موت خبيب شديد الخوف لا يأمن ، وكان إذا بشر بشيء من أمر الآخرة يقول : وكيف وخبيب لي بالطريق؟ وفي رواية يقول : هذا إذا لم يكن خبيب بالطريق ، ثم يصيح صياح المرأة الثكلى ، وكان إذا أثني عليه يقول : خبيب وما خبيب ! إن نجوت منه فأنا بخير . وما زال على المدينة إلى أن ضرب خبيبا فمات ، فاستقال وركبه الحزن والخوف من حينئذ ، وأخذ في الاجتهاد في العبادة والبكاء ، وكانت تلك هفوة منه وزلة ، ولكن حصل له بسببها خير كثير; من عبادة وبكاء وحزن وخوف وإحسان وعدل وصدقة وبر وعتق وغير ذلك .