ذكر من توفي في سنة أربع ومائة من الأكابر

حيان بن شريح حيان بن شريح :

كان صاحب خراج مصر لعمر بن عبد العزيز ، حدث عنه يزيد بن أبي حبيب ، وعبد الملك بن جنادة ، توفي في هذه السنة .

ربعي بن حراش بن جحش ربعي بن حراش بن جحش بن عمرو بن عبد الله بن بجاد العبسي الكوفي :

روى عن عمر ، وعلي ، وحذيفة ، وأبي بكرة ، وعمران بن حصين . حدث عنه الشعبي ، ومنصور بن المعتمر ، وحصين بن عبد الرحمن وغيرهم . وكان ثقة صدوقا .

عن صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي ، قال: حدثني أبي ، قال:

ربعي بن خراش كوفي ثقة . ويقال إنه لم يكذب كذبة قط . كان له ابنان عاصيان في زمن الحجاج ، فقيل للحجاج: إن أباهما لم يكذب كذبة قط ، لو أرسلت إليه فسألته عنهما ، فأرسل إليه فقال: أين ابناك؟ قال: هما في البيت ، فقال: قد عفونا عنهما بصدقك .

وعن الحارث الغنوي ، قال :

آلى ربعي بن حراش ألا تفتر أسنانه ضاحكا حتى يعلم أين مصيره ، فما ضحك إلا عند موته ، وآلى أخوه ربعي بن حراش بعده ألا يضحك حتى يعلم أفي الجنة هو أم في النار .

قال الحارث الغنوي : فلقد أخبرني غاسله أنه لم يزل متبسما على سريره ونحن نغسله حتى فرغنا منه .

توفي ربعي بن حراش في هذه السنة ، وقيل في سنة إحدى .

زياد بن أبي زياد زياد بن أبي زياد ، مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة القرشي ، واسم أبي زياد ميسرة .

وكان زياد عبدا ، وكان عمر بن عبد العزيز يستزيده ويكرمه ، وبعث إلى مولاه ليبيعه إياه ، فأبى وأعتقه .

وروى عن أنس بن مالك ، قال مالك بن أنس : كان زياد عابدا معتزلا لا يزال يذكر الله ويلبس الصوف .

عن يعقوب بن عبد الرحمن القاري ، قال: قال محمد بن المنكدر :

إني خلفت زياد بن أبي زياد وهو يخاصم نفسه في المسجد يقول: اجلسي ، أين تريدين أن تخرجي إلى أحسن من هذا المسجد؟ انظري إلى ما فيه ، تريدين أن تنظري إلى دار فلان وفلان . قال: وكان يقول لنفسه: مالك من الطعام يا نفس إلا هذا الخبز والزيت ، ومالك من الثياب إلا هذين الثوبين ، ومالك من النساء إلا هذه العجوز ، أتحبين أن تموتي؟ فقالت: أنا أصبر على هذا العيش .

عبد الله بن يزيد ، أبو قلابة الجرمي عبد الله بن يزيد ، أبو قلابة الجرمي :

كان فقيها عالما بالفقه ، بصيرا بالقضاء ، فلما طلب للقضاء هرب ومرض ، فدخل عليه عمر بن عبد العزيز يعوده ، فقال له: يا أبا قلابة ، تشدد ولا تشمت بنا المنافقين .

ومات بالشام في هذه السنة .

عن أيوب السختياني ، قال: قال لي أبو قلابة :

احفظ عني ثلاث خصال: إياك وأبواب السلطان ، ومجالسة أهل الأهواء ، والزم سوقك فإن الغنى من العافية .

وعن عثمان بن الهيثم ، قال:

كان رجل بالبصرة من بني سعيد ، وكان قائدا من قواد عبيد الله بن زياد ، فسقط من السطح فانكسرت رجلاه ، فدخل عليه أبو قلابة يعوده ، فقال له: أرجو أن يكون لك خيرة ، فقال: يا أبا قلابة ، وأي خيرة في كسر رجلي جميعا ، قال: ما ستر الله عنك أكثر ، فلما كان بعد ثلاث ورد عليه كتاب عبيد الله بن زياد أن يخرج فيقاتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فقال للرسول: قد أصابني ما ترى ، فما كان إلا سبعا حتى وافى الخبر بقتل الحسين ، فقال الرجل: رحم الله أبا قلابة ، لقد صدق أنه كان خيرة لي .

عامر بن شراحيل عامر بن شراحيل - وقيل: عامر بن عبد الله بن شراحيل - أبو عمرو الشعبي :

من شعب همدان ، كوفي ، وأمه من سبي جلولاء ، ولد لست سنين خلت من خلافة عمر بن الخطاب هو وأخ له توأما . وسمع علي بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين ، وعبد الله بن جعفر ، وابن عباس ، وابن عمر ، وابن عمرو ، وابن الزبير ، وأسامة ، وجابر ، والبراء ، وأنس ، وأبا هريرة ، وعدي بن حاتم ، وسمرة ، وعمرو بن حريث ، والمغيرة ، وزيد بن أرقم ، وغيرهم .

وكان مفتيا في العلوم وحافظا ثقة ، وقال: ما كتبت سوداء في بيضاء ، ولا حدثني رجل بحديث قط إلا حفظته ، وما أحببت أن يعيده علي ، وما أروي شيئا أقل من الشعر ، ولو شئت لأنشدتكم شهرا لا أعيد . ولقد نسيت من العلم ما لو حفظه رجل لكان به عالما ، وليتني أفلت من ذلك كفافا لا علي ولا لي .

وسمعه عمر يحدث بالمغازي ، فقال: لكأن هذا الفتى شهد معنا .

وقال أبو مخلد: ما رأيت أفقه من الشعبي ، ولما بلغ عبد العزيز بن مروان عقل الشعبي وعلمه وطيب مجالسته كتب إلى أخيه عبد الملك أن يؤثره بالشعبي ، ففعل وكتب إليه: إني أوثرك به على نفسي ، لا يلبث عندك إلا شهرا . وكان عبد العزيز بمصر فأقام عنده نحوا من أربعين يوما ثم رده .

عن عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي عن عمه ، قال: وجه عبد الملك بن مروان عامرا الشعبي إلى ملك الروم في بعض الأمر فاستكثره ، فقال له: من أهل بيت الملك أنت؟ قال: لا ، فلما أراد الرجوع إلى عبد الملك حمله رقعة لطيفة وقال: إذا رجعت إلى صاحبك فأبلغه جميع ما يحتاج إلى معرفة من ناحيتنا ، وادفع إليه هذه الرقعة ، فلما صار الشعبي إلى عبد الملك ذكر له ما احتاج إلى ذكره ، ونهض من عنده ، فلما خرج ذكر الرقعة فرجع ، فقال: يا أمير المؤمنين ، إنه حملني إليك رقعة نسيتها حين خرجت ، وكانت في آخر ما حملني ، فدفعها إليه ونهض فقرأها عبد الملك فأمر برده ، فقال: أعلمت ما في هذه الرقعة؟ قال:

لا ، قال: فيها: عجبت من العرب كيف ملكت غير هذا ، أفتدري لم كتب إلي بهذا؟

فقال: لا ، قال: حسدني بك فأراد أن يغريني بقتلك ، فقال الشعبي: لو كان ذاك يا أمير المؤمنين ما استكثرني . فبلغ ملك الروم ذلك ، فذكر عبد الملك فقال: لله أبوه ، والله ما أردت إلا ذلك .

كان الشعبي قد خرج مع القراء على الحجاج ثم دخل عليه فاعتذر فقبل عذره ، وولي القضاء .

وعن زكريا بن يحيى ، قال:

دخلت على الشعبي وهو يشتكي فقال له: كيف تجدك؟ قال: أجدني وجعا مجهودا ، اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإنها أعز الأنفس عندي .

توفي في هذه السنة . قاله الأكثرون . وقيل: في سنة سبع . وفي مقدار عمره قولان ، أحدهما: سبع وتسعون ، والثاني: اثنتان وثمانون .

وفيها مات عبد الرحمن بن حسان بن ثابت الأنصاري . وفيها توفي يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة . وفيها مات عامر بن سعد بن أبي وقاص . وفيها توفي موسى بن طلحة بن عبيد الله . وعمير مولى ابن عباس يكنى أبا عبد الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية