ذكر
وثوب الحربية ببغداذ
وفيها كان من الشغب ببغداذ بين الحربية والحسن بن سهل ، وكان سبب ذلك أن الحسن بن سهل كان بالمدائن حين شخص هرثمة إلى المأمون ، فلما اتصل ببغداذ ، وسمع ما صنعه المأمون بهرثمة ، بعث الحسن بن سهل إلى علي بن هشام ، وهو والي بغداذ من قبله ، أن ماطل الجند من الحربية أرزاقهم ولا تعطهم .
وكان الحربية قبل ذلك حين خرج هرثمة إلى خراسان قد وثبوا ، وقالوا : لا نرضى حتى نطرد الحسن وعماله عن بغداذ . فطردوهم ، وصيروا إسحاق بن موسى الهادي خليفة المأمون ببغداذ ، واجتمع أهل الجانبين على ذلك ورضوا به .
فدس الحسن إليهم ، وكاتب قوادهم حتى يبعثوا من جانب عسكر المهدي ، فحول الحربية إسحاق إليهم ، وأنزلوه على دجيل ، وجاء زهير بن المسيب ، فنزل في عسكر المهدي ، وبعث الحسن علي بن هشام في الجانب الآخر هو ومحمد بن أبي خالد ، ودخلوا بغداذ ليلا في شعبان ، وقاتل الحربية ثلاثة أيام على قنطرة الصراة ، ثم وعدهم رزق ستة أشهر إذا أدركت الغلة ، فسألوه تعجيل خمسين درهما لكل رجل منهم ينفقونها في رمضان ، فأجابهم إلى ذلك .
وجعل يعطيهم ، فلم يتم العطاء حتى أتاهم خبر زيد بن موسى من البصرة ، المعروف بزيد النار ، وكان هرب من الحبس ، وكان عند علي بن سعيد ، فخرج من ناحية الأنبار هو وأخو أبي السرايا في ذي القعدة سنة مائتين ، فبعثوا إليه فأتي به إلى علي بن هشام ، وهرب علي بن هشام بعد جمعة من الحربية ، ونزل بصرصر ; لأنه لم يف لهم بإعطاء الخمسين إلى أن جاء الأضحى ، وبلغهم خبر هرثمة وأخرجوه .
وكان القيم بأمر هرثمة محمد بن أبي خالد ; لأن علي بن هشام كان يستخف به ، فغضب من ذلك ، وتحول إلى الحربية ، فلم يقربهم علي ، فهرب إلى صرصر ، ثم هزموه من صرصر .
وقيل : كان السبب في شغب الأبناء أن الحسن بن سهل جلد عبد الله بن علي بن ماهان الحد ، فغضب الأبناء ، وخرجوا .