من توفي في سنة إحدى وستين ومائتين من الأكابر

الحسن بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب القرشي الحسن بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب القرشي .

ولي القضاء بسر من رأى ، وولاه قاضي القضاة جعفر بن عبد الواحد بن سليمان بن علي ، فولي في أيام المتوكل وبعده ، وكان فقيها سخيا ذا مروءة وكرم عظيم ، ولم تزل في بيته إمارة ورياسة ، منهم: عتاب بن أسيد ، ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ، وخالد بن أسيد وهو جد [آل ابن] أبي الشوارب .

وعن ابن عرفة قال: أخبرني من حضر محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب وقد ورد عليه كتاب ابنه الحسن بولاية القضاء ، فكتب إليه: وصل إلي كتابك بتوليتك القضاء ، وحاشى لوجهك الحسن يا حسن من النار .

وعن محمد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع ، قال: دخل إلى مدينة السلام الحسن بن محمد بن أبي الشوارب قاضي القضاة للمعتمد ، فتوفي بمدينة السلام لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة إحدى وستين ، وصلى عليه يوسف بن يعقوب .

وذكر ابن جرير الطبري أنه توفي بمكة .

الحسين بن بحر بن يزيد أبو عبد الله البيروذي الحسين بن بحر بن يزيد أبو عبد الله البيروذي .

من نواحي الأهواز ، قدم بغداد ، وحدث عن حجاج بن نصير ، وجبارة بن مغلس ، وغيرهما . روى عنه: ابن صاعد ، وابن أبي داود ، وابن مخلد ، وكان ثقة ، وخرج إلى الغزو فأدركه أجله بملطية ، وتوفي في رمضان هذه السنة .

الحسين بن نصر بن المعارك ، أبو علي الحسين بن نصر بن المعارك ، أبو علي .

سكن مصر ، وحدث بها عن أبي نعيم الفضل بن دكين ، ونعيم بن حماد ، وكان ثقة ثبتا . وتوفي بمصر في شعبان هذه السنة .

سليمان بن توبة بن زياد ، أبو داود النهرواني سليمان بن توبة بن زياد ، أبو داود النهرواني .

سمع يزيد بن هارون ، وروح بن عبادة ، وشبابة . روى عنه: ابن مخلد . وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كتبت عنه وكان صدوقا . وقال الدارقطني: ثقة .

توفي بمصر في صفر هذه السنة .

سليمان بن خلاد ، [أبو خلاد] المؤدب سليمان بن خلاد ، [أبو خلاد] المؤدب .



سكن سر من رأى ، وحدث بها عن يزيد بن هارون ، وشبابة . روى عنه: ابن أبي داود ، وابن مخلد . وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي ، وهو صدوق .

وتوفي بسر من رأى في هذه السنة .

شعيب بن أيوب بن زريق بن معبد بن شيطا ، أبو بكر الصريفيني شعيب بن أيوب بن زريق بن معبد بن شيطا ، أبو بكر الصريفيني .

من أهل واسط . سمع يحيى بن آدم ، وأبا داود الجفري . روى عنه: ابن صاعد ، وابن مخلد ، والمحاملي ، ولي قضاء جنديسابور . قال الدارقطني: هو ثقة .

توفي في هذه السنة .

طيفور بن عيسى بن سروشان ، أبو يزيد البسطامي طيفور بن عيسى بن سروشان ، أبو يزيد البسطامي .

وكان سروشان مجوسيا فأسلم ، وكان لعيسى ثلاثة أولاد: آدم وهو أكبرهم ، وأبو يزيد أوسطهم ، وعلي أصغرهم ، وكانوا كلهم عبادا زهادا .

وقيل له : بأي شيء وصلت إلى هذه المعرفة ؟ فقال : ببطن جائع وبدن عار . وكان يقول : دعوت نفسي إلى طاعة الله فلم تجبني ، فمنعتها الماء سنة . وقال أيضا : إذا نظرتم إلى الرجل أعطي من الكرامات حتى يرتفع في الهواء ، فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة . قال القاضي ابن خلكان : وله مقامات كثيرة ومجاهدات مشهورة وكرامات ظاهرة ، قلت : قد حكي عنه كلمات فيها شطح ، وقد تكلم كثير من العلماء من الصوفية والفقهاء عليها ; فمن متأول على المحامل البعيدة ، أو قائل : إن هذا قاله في حال الاصطلام والسكر ، ومن مبدع ومخطئ ، والله أعلم . وعن العباس بن حمزة قال: صليت خلف أبي يزيد البسطامي الظهر فلما أراد أن يرفع يديه ليكبر لم يقدر إجلالا لاسم الله [تعالى] وارتعدت فرائصه ، حتى كنت أسمع تقعقع عظامه ، فهالني ذلك .

وعن أبي يزيد قال: كان أبو يزيد يزجر نفسه فيصيح عليها ويقول: يا مأوى كل سوء ، المرأة إذا حاضت طهرت في ثلاثة أيام وأكثره لعشرة ، وأنت يا نفس قاعدة منذ عشرين وثلاثين سنة بعد ما طهرت ، فمتى تطهرين؟! إن وقوفك بين يدي الله [عز وجل] طاهر فينبغي أن تكوني طاهرة .

توفي أبو يزيد في هذه السنة ، وله ثلاث وسبعون سنة .

1 عبد الله بن الهيثم بن عثمان ، أبو محمد العبدي عبد الله بن الهيثم بن عثمان ، أبو محمد العبدي .

من أهل البصرة ، قدم بغداد ، وحدث بها عن أبي عامر العقدي ، وأبي داود الطيالسي .

روى عنه: البغوي ، والمحاملي . وكان ثقة . توفي بالشام في هذه السنة .

عبد الرحمن المتطبب عبد الرحمن المتطبب .

كان أحمد بن حنبل يثني عليه ، وكان يدخل عليه وعلى بشر .

وعن أبو محمد الحسن بن عثمان بن عبدويه ، حدثنا أبي قال: سمعت عبد الرحمن الطبيب -هو طبيب أحمد بن حنبل وبشر الحافي- قال: اعتلا جميعا في مكان واحد . فكنت أدخل إلى بشر فأقول له: كيف تجدك يا أبا نصر؟ قال: فيحمد الله تعالى ، ثم خبرني ، فيقول: أحمد الله إليك ، أجد كذا وكذا . وأدخل على أبي عبد الله فأقول: كيف تجدك يا أبا عبد الله؟ فيقول: بخير . فقلت له يوما: إن أخاك بشرا عليل وأسأله [بحاله] فيخبرني ، فيبدأ بحمد الله تعالى ثم يخبرني . فقال لي: سله عمن أخذ هذا؟ فقلت له: إني أهابه أن أسأله فقال: قل له: قال لك أخوك أبو عبد الله: عمن أخذت هذا؟ قال: فدخلت عليه فعرفته ما قال . فقال لي: أبو عبد الله لا يريد الشيء إلا بالإسناد: أزهر عن ابن عون ، عن ابن سيرين: إذا حمد الله [تعالى] العبد قبل الشكوى لم تكن شكوى ، إنما أقول لك: أجد كذا أعرف قدرة الله تعالى في .

قال: فخرجت من عنده [فمضيت إلى أبي عبد الله] فعرفته ما قال .

فكنت بعد ذلك إذا دخلت عليه يقول: أحمد الله إليك ، ثم يذكر ما يجد .

عثمان بن معبد بن نوح المقرئ عثمان بن معبد بن نوح المقرئ .

سمع أبا نعيم الفضل بن دكين . روى عنه: ابن أبي الدنيا ، وابن صاعد ، وكان ثقة .

وتوفي بالجانب الغربي من بغداد في صفر هذه السنة .

علي بن الحسين بن إبراهيم بن الحر ، ويعرف: بابن إشكاب [علي بن] الحسين بن إبراهيم بن الحر ، ويعرف: بابن إشكاب .

سمع إسماعيل ابن علية ، وأبا معاوية . روى عنه: أبو داود ، وابن صاعد ، وكان ثقة صدوقا . توفي في شوال هذه السنة .

قطن بن إبراهيم ، أبو سعيد القشيري النيسابوري قطن بن إبراهيم ، أبو سعيد القشيري النيسابوري .



ولد سنة ثمانين ومائة ، وسمع من عبدان ، وقبيصة ، وغيرهما . روى عنه: أبو زرعة ، وأبو حاتم الرازيان ، وغيرهما . وكان مسلم بن الحجاج قد كتب عنه فازدحم الناس عليه حتى حدث بحديث إبراهيم بن طهمان: عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما إهاب دبغ فقد طهر" فطالبوه بالأصل فأخرجه ، وقد كتبه على الحاشية فتركه مسلم .

وكان قد سأل محمد بن عقيل عن هذا الحديث فقال ابن عقيل: حدثنا حفص ، عن ابن طهمان ، فخرج هو إلى الناس فقال: حدثنا حفص فاتضع لهذا .

وتوفي قطن في هذه السنة .

محمد بن الحسين بن إبراهيم بن الحر ، أبو جعفر العامري ، ويعرف بابن إشكاب محمد بن الحسين بن إبراهيم بن الحر ، أبو جعفر العامري ، ويعرف بابن إشكاب .

ولد في سنة إحدى وثمانين ومائة ، وسمع أبا النضر وغيره ، وأخرج عنه البخاري في صحيحه ، وكان حافظا صدوقا ثقة من أهل العلم والأمانة .

وتوفي في محرم هذه السنة ، وله ثمانون سنة .

محمد بن خلف ، أبو بكر المقرئ ، ويعرف بالحدادي محمد بن خلف ، أبو بكر المقرئ ، ويعرف بالحدادي .

سمع حسينا الجعفي وغيره .

روى عنه: البخاري في صحيحه . قال الدارقطني: كان فاضلا ثقة . توفي في ربيع الأول هذه السنة .

محمد بن علي بن محرز ، أبو عبد الله البغدادي محمد بن علي بن محرز ، أبو عبد الله البغدادي .

كان محدثا ثقة فهما وفي أخلاقه زعارة ، حدث بالكثير .

وتوفي بمصر في ربيع الآخر [من هذه السنة] .



1 محمد السمين محمد السمين .

كان أستاذ الجنيد وله منازلات في التوكل والشوق .

وعن الخلدي قال: قال الجنيد: قال لي محمد بن السمين: كنت في وقت من الأوقات أعمل على الشوق ، وكنت أجد من ذلك شيئا أنا به مستقبل ، فخرجت إلى الغزو وهذه الحالة حالتي ، وغزا الناس وغزوت معهم ، وكثر العدو على المسلمين ، وتقاربوا والتقوا ، ولزم المسلمين من ذلك خوف لكثرة الروم .

قال محمد: فرأيت نفسي في ذلك الموطن وقد لحقها روع ، فاشتد ذلك علي ، فجعلت أوبخ نفسي وألومها وأؤنبها وأقول لها: يا كذابة ، قد عين الشوق ، فلما جاء الموطن الذي يؤمل في مثله الخروج اضطربت وتغيرت . فأنا أوبخها إذ وقع علي أن أنزل إلى النهر فأغتسل ، فخلعت ثيابي واتزرت ، ودخلت النهر واغتسلت ، وخرجت وقد اشتدت لي عزيمة لا أدري ما هي ، فخرجت بقوة تلك العزيمة ، ولبست ثيابي ، وأخذت سلاحي ، ودنوت من الصفوف ، وحملت بقوة تلك العزيمة حملة ، وأنا لا أدري كيف أنا ، فمزقت صفوف المسلمين ، وصفوف الروم حتى صرت من ورائهم ، ثم كبرت تكبيرة ، فسمع الروم تكبيرا وظنوا أن كمينا قد خرج عليهم من ورائهم ، فولوا ، وحمل عليهم المسلمون ، فقتل من الروم بسبب تكبيرتي تلك نحو أربعة آلاف ، وجعل الله عز وجل ذلك سبب النصر والفتح .

محمد بن حماد ، أبو عبد الله الطهراني محمد بن حماد ، أبو عبد الله الطهراني .



رحل في طلب الحديث ، فسمع من عبد الرزاق ، وغيره . وكان له فهم [وهو] منسوب إلى طهران قرية أخرى من قرى [الري ، وثم من ينسب إلى طهران ، وهي قرية أخرى من قرى خراسان إلا أن] طهران الري أشهر من تلك .

توفي ابن حماد بعسقلان في ربيع الأول من هذه السنة .

مسلم بن الحجاج بن مسلم ، أبو الحسين القشيري النيسابوري مسلم بن الحجاج بن مسلم ، أبو الحسين القشيري النيسابوري .

أحد الأئمة من حفاظ الحديث ، صاحب " الصحيح " الذي هو تلو " الصحيح " للبخاري عند أكثر العلماء ، وذهب المغاربة ، وأبو علي النيسابوري شيخ الحاكم النيسابوري من المشارقة إلى تفضيل " صحيح " مسلم على " صحيح " البخاري ، فإن أرادوا تقديمه عليه في كونه ليس فيه شيء من التعليقات إلا القليل ، وأنه يسوق الأحاديث بتمامها في موضع واحد ، ولا يقطعها كتقطيع البخاري لها في الأبواب ، فهذا القدر لا يوازي قوة أسانيد البخاري ، واختياره في تصحيح ما أورده في " جامعه " معاصرة الراوي لشيخه وسماعه منه في الجملة ، فإن مسلما لا يشترط في كتابه الشرط الثاني ، كما هو مقرر في علوم الحديث. سمع بنيسابور: يحيى بن يحيى ، وقتيبة بن سعيد ، وإسحاق بن راهويه ، وغيرهم ، وبالري: محمد بن مهران ، وغيره ، وببغداد: أحمد بن حنبل ، وغيره .

وبالبصرة: القعنبي ، وغيره . وبالكوفة عمر بن حفص بن غياث ، وغيره .

وبالمدينة: إسماعيل بن أبي أويس ، وغيره ، وبمكة: سعيد بن منصور ، وغيره .

وبمصر: حرملة بن يحيى ، وغيره .

وكان تام القامة ، أبيض الرأس واللحية ، وكان من كبار العلماء وأوعية العلم ، وله مصنفات كثيرة منها: "المسند الكبير على الرجال" وما نظن أنه سمعه منه أحد ، و"كتاب الجامع الكبير على الأبواب" ، و"كتاب الأسامي والكنى" ، و"كتاب المسند الصحيح" ، وقال: صنفته من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة ، و"كتاب التمييز" ، و"كتاب العلل" ، و"كتاب الوحدان" ، و"كتاب الأفراد" ، و"كتاب الأقران" ، و"كتاب سؤالات أحمد بن حنبل" ، و"كتاب الانتفاع بأهب السباع" ، و"كتاب عمرو بن شعيب بذكر من لم يحتج بحديثه وما أخطأ فيه" . و"كتاب مشايخ مالك بن أنس" ، و"كتاب مشايخ الثوري" ، و"كتاب مشايخ شعبة" ، و"كتاب ذكر من ليس له إلا راو واحد من رواة الحديث" ، و"كتاب المخضرمين" و"كتاب أولاد الصحابة فمن بعدهم من المحدثين" ، و"كتاب ذكر أوهام المحدثين" ، و"كتاب تفضيل السنن" و"كتاب طبقات التابعين" ، و"كتاب أفراد الشاميين من الحديث" ، و"كتاب المعرفة" .

قدم بغداد مرارا ، فآخر قدومه كان في سنة تسع وخمسين ومائتين .

سمع منه: يحيى بن صاعد ، ومحمد بن مخلد .

وعن أبا عبد الله محمد بن أبي يعقوب قال: سمعت أحمد بن سلمة يقول: عقد لمسلم مجلس للمذاكرة ، فذكر له حديث لم يعرفه ، فانصرف إلى منزله ، وأوقد السراج ، وقال لمن في الدار: لا يدخلن أحد منكم إلى هذا البيت! فقيل له: أهديت لنا سلة فيها تمر ، فقال: قدموها إلي ، فقدموها إليه ، فكان يطلب الحديث ويأكل تمرة تمرة ، فأصبح وقد فني التمر ووجد الحديث .

وقال الخطيب البغدادي بسنده سمعت أحمد بن سلمة يقول : رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما .

وعن مسلم بن الحجاج قال : صنفت هذا " المسند الصحيح " من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة .

وروى الخطيب بسنده سمعت أبا علي الحسين بن علي النيسابوري يقول : ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم بن الحجاج في علم الحديث .

وقد ذكر مسلم عند إسحاق بن راهويه ، فقال بالعجمية ما معناه : أي رجل كان هذا ؟

وقال إسحاق بن منصور لمسلم : لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين . وقد أثنى عليه جماعة من علماء أهل الحديث وغيرهم .

وقال أبو عبد الله محمد بن يعقوب الأخرم : قل ما يفوت البخاري ومسلما مما يثبت في الحديث .

وروى الخطيب ، عن أبي عمرو محمد بن أحمد بن حمدان الحيري قال : سألت أبا العباس أحمد بن سعيد بن عقدة الحافظ عن البخاري ومسلم ، أيهما أعلم ؟ فقال : كان البخاري عالما ومسلم عالما . فكررت ذلك عليه مرارا ، وهو يرد علي هذا الجواب ، ثم قال لي : يا أبا عمرو ، قد يقع للبخاري الغلط في أهل الشام ; وذلك أنه أخذ كتبهم فنظر فيها ، فربما ذكر الواحد منهم بكنيته ، ويذكره في موضع آخر باسمه ، ويتوهم أنهما اثنان ، فأما مسلم فقل ما يقع له الغلط لأنه كتب المسانيد ولم يكتب المقاطيع والمراسيل .

قال الخطيب : إنما قفا مسلم طريق البخاري ، ونظر في علمه ، وحذا حذوه ، ولما ورد البخاري نيسابور في آخر أمره لازمه مسلم ، وأدام الاختلاف إليه . وقد حدثني عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي قال : سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول : لولا البخاري لما ذهب مسلم ولا جاء .

قال الخطيب :بسنده سمعت مسلم بن الحجاج ، وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري فقبل بين عينيه ، وقال : دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين ، وسيد المحدثين ، وطبيب الحديث في علله ، حدثك محمد بن سلام ، حدثنا مخلد بن يزيد الحراني ، حدثنا ابن جريج ، عن موسى بن عقبة عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في كفارة المجلس ، فما علته ؟ فقال البخاري : هذا حديث مليح ، ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث ، إلا أنه معلول قال البخاري : وهذا أولى ; فإنه لا يعرف لموسى بن عقبة سماع من سهيل .

قلت : وقد أفردت لهذا الحديث جزءا على حدة ، وأوردت فيه طرقه وألفاظه ومتنه وعلله ، ولله الحمد والمنة .

قال الخطيب : وقد كان مسلم يناضل عن البخاري ، رحمهما الله . ثم ذكر ما كان وقع بين البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي في مسألة اللفظ بالقرآن في نيسابور وكيف نودي على البخاري بسبب ذلك بنيسابور ، وأن الذهلي قال يوما لأهل مجلسه ، وفيهم مسلم بن الحجاج : ألا من كان يقول بقول البخاري في مسألة اللفظ بالقرآن فليعتزل مجلسنا . فنهض مسلم من فوره إلى منزله ، وجمع ما كان سمعه من الذهلي جميعه ، وأرسل به إليه ، وترك الرواية عن الذهلي بالكلية ، فلم يرو عنه شيئا لا في " صحيحه " ، ولا في غيره واستحكمت الوحشة بينهما . هذا ولم يترك البخاري محمد بن يحيى الذهلي ، بل روى عنه في " صحيحه " وغيره وعذره ، رحمه الله .

وقد ذكر الخطيب سبب موت مسلم - رحمه الله - أنه عقد له مجلس للمذاكرة ، فسئل يوما عن حديث لم يعرفه ، فانصرف إلى منزله ، فأوقد السراج ، وقال لأهله : لا يدخل أحد الليلة علي . وقد أهديت له سلة من تمر فهي عنده ; يأكل منها تمرة ويكشف حديثا ، ثم يأكل أخرى ، ويكشف آخر ، ولم يزل ذلك دأبه حتى أصبح وقد أكل تلك السلة وهو لا يشعر ، فحصل له بسبب ذلك ثقل ، ومرض من ذلك حتى كانت وفاته عشية يوم الأحد ، ودفن يوم الإثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين بنيسابور ، وكان مولده في السنة التي توفي فيها الشافعي ; وهي سنة أربع ومائتين ، وكان عمره سبعا وخمسين سنة . رحمه الله تعالى . وممن توفي فيها من الأعيان :

أحمد بن سليمان الرهاوي .

وأحمد بن عبد الله العجلي . وداود بن القاسم الجعفري .



وعبد الله بن الواثق ، أخو المهتدي بالله .

وأبو شعيب السوسي . وعبد العزيز بن حيان الموصلي ، وكان كثير الحديث .

و النضر بن الحسن الفقيه الحنفي ، وكان من الموصل أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية