ذكر وفاة الخليفة المقتفي لأمر الله وشيء من سيرته

في هذه السنة ، ثاني ربيع الأول ، توفي أمير المؤمنين المقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمد بن المستظهر بالله أبي العباس أحمد بن المقتدي بأمر الله ، رضي الله عنه ، بعلة التراقي ، وكان مولده ثاني عشر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وأربعمائة ، وأمه أم ولد تدعى ياعي ، وكانت خلافته أربعا وعشرين سنة وثلاثة أشهر وستة عشر يوما ، ووافق أباه المستظهر بالله في علة التراقي وماتا جميعا في ربيع الأول .

وكان حليما كريما عادلا حسن السيرة من الرجال ذوي الرأي والعقل الكثير ، وهو أول من استبد بالعراق منفردا عن سلطان يكون معه من أول أيام الديلم إلى الآن ، وأول خليفة تمكن من الخلافة وحكم على عسكره وأصحابه من حين تحكم المماليك على الخلفاء من عهد المستنصر إلى الآن ، إلا أن يكون المعتضد ، وكان شجاعا مقداما مباشرا للحروب بنفسه ، وكان يبذل الأموال العظيمة لأصحاب الأخبار في جميع البلاد حتى كان لا يفوته منها شيء . وتقدم موت السلطان محمد شاه قبله بثلاثة أشهر ، وكذلك المستظهر مات قبله محمد بثلاثة ، وبعد غرق بغداد بسنة مات القائم ، وكذلك هذا . قال عفيف الناسخ : رأيت في المنام قائلا يقول : إذا اجتمعت ثلاث خاءات مات المقتفي . يعني : خمسا وخمسين وخمسمائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية