وفيها أغار شمس الدولة تورانشاه أخو صلاح الدين أيضا على الأعراب الذين بالصعيد ، وكانوا قد أفسدوا في البلاد ، ومدوا أيديهم ، فكفوا عما كانوا يفعلونه .وفيها
مات القاضي ابن الخلال من أعيان الكتاب المصريين وفضلائهم ، وكان صاحب ديوان الإنشاء بها . وفيها وقع حريق ببغداد في درب المطبخ ، وفي خرابة ابن جردة . وفيها جعل ظهير الدين أبو بكر نصر بن العطار صاحب المخزن ببغداد ، ولقب ظهير الدين .
وفيها حج بالناس الأمير طاشتكين المستنجدي ، وكان نعم الأمير ، رحمه الله . وفي هذا الشهر: عزل ابن شبيب مشرف المخزن وولي مكانه أبو بكر ابن العطار وجعل ابن شبيب وكيلا بباب الحجرة وولي من الأمراء المماليك نحو سبعة عشر أميرا وقدم فخر الدولة ابن المطلب إلى بغداد وكان مقيما بمشهد علي عليه السلام وردت عليه أملاكه وولي ابن البخاري الديوان . وكسف القمر ليلة النصف من جمادى الأولى وهذا عجب لأن عادته الانكساف في ليلة الرابع عشر . واستشهد في جمادى الآخرة ابنا ابن المنصوري الخطيب . وقبض في يوم الجمعة خامس عشرين جمادى الآخرة على أحمد الفوي وابنه وسعد الشرابي وأخذت مدرسة كانت للحنفية وقد كانت قديما للشافعية وهي بالموضع المسمى بباب المدرسة على الشط وقد حضرت فيها مناظرة يوسف الدمشقي وبيده كانت وآل أمرها إلى أن سلمت إلى محمد البروي فدرس فيها وحضر قاضي القضاة وشيخ الشيوخ وحاجب الباب ومدرس النظامية وابن سديد الدولة كاتب الإنشاء . وشرع في نقض الكشك الذي عمله المستنجد ليعمل بآلته مسناة للسور فتراجف الناس بمجيء العسكر فاحتدت سوق الطعام . وفي رجب: ولي ابن ناصر العلوي التدريس بمدرسة السلطان التي كان فيها اليزدي فحضر درسه قاضي القضاة وغيره . وفي يوم السبت رابع عشرين الشهر: ولي الأمير السيد العلوي التدريس بجامع السلطان مكان اليزدي . وفي هذه الأيام: وهي أمر أبي بكر ابن العطار والسبب أنه كان ينافس صاحب المخزن فانقطع عن المخزن وقيل أنه أخذت الوكالة منه . وفي غرة شعبان: بعث يزدن مع جماعة من العسكر إلى واسط ليردوا ابن سنكا عن البلاد . وفي ثامنه نقضت الدور التي اشتراها قيماز ليعملها دارا كبيرة وكان من جملتها دار ابن الطيبي وكانت بعيدة المثل قد غرم عليها ألوفا فأعطى منها ألفا وكذلك أخذ ما حولها من الدور المثمنة بثمن بخس وأخرج أهلها وتشتتوا . وجرى في سابع شعبان بين أهل المأمونية وباب الأزج فتنة بسبب السباع انتهبت فيها سويقة البزازين . وفي عشية الاثنين ثامن عشرين شعبان: نقل تابوت الخليفة من الدار إلى الترب . وفي نصف رمضان: هبت ريح عظيمة ورعدت السماء بقعقعة لم يسمع بمثلها فخر الناس على وجوههم وكان للوزير طبق جميل طول الشهر وكان الذي يحضر فيه من الخبز كل ليلة ألف رطل وأربعمائة رطل حلاوة سكر وفرق أمير المؤمنين مصاحف كانت في الدار على جماعة فبعث إلي مصحفا مليح الخط كثير الإذهاب . وفي سلخ شوال: جلس أمير المؤمنين للرسل الذين جاءوا من همذان وغيرها فبايعوه .