مسير شمس الدولة إلى بلد النوبة

في سنة ثمان وستين وخمسمائة ، في جمادى الأولى ، سار شمس الدولة توران شاه بن أيوب أخو صلاح الدين الأكبر من مصر إلى بلد النوبة ، فوصل إلى أول بلادهم ليتغلب عليه ويتملكه .

وكان سبب ذلك أن صلاح الدين وأهله كانوا يعلمون أن نور الدين كان على عزم الدخول إلى مصر وأخذها منهم ، فاستقر الرأي بينهم أنهم يتملكون إما بلاد النوبة أو بلاد اليمن ، حتى إذا وصل إليهم نور الدين لقوه وصدوه عن البلاد ، فإن قووا على منعه أقاموا بمصر ، وإن عجزوا عن منعه ركبوا البحر ولحقوا بالبلاد التي قد افتتحوها ، فجهز شمس الدولة وسار إلى أسوان ، ومنها إلى بلد النوبة ، فنازل قلعة اسمها أبريم ، فحصرها ، وقاتله أهلها ، فلم يكن لهم بقتال العسكر الإسلامي قوة ; لأنهم ليس لهم جنة تقيهم السهام وغيرها من آلة الحرب ، فسلموها ، فملكها ، وأقام بها ، ولم ير للبلاد دخلا يرغب فيه وتحتمل المشقة لأجله ، وقوتهم الذرة ، فهي بلدا قليلة الجدوى لا يفي خراجها بكلفتها ، استخلف على الحصن المذكور رجلا من الأكراد يقال له : إبراهيم . فجعله مقدما مقررا بحصن إبريم ، وانضاف إليه جماعة من الأكراد البطالين ، فكثرت أموالهم وحسنت حالهم هنالك وشنوا الغارات وحصلوا على الغنائم والمسرات ، ولله الحمد الذي بنعمته تتم الصالحات .

التالي السابق


الخدمات العلمية