عصيان ابن المقدم على صلاح الدين وحصر بعلبك وأخذ البلد منه

في سنة أربع وسبعين وخمسمائة عصى شمس الدين محمد بن عبد الملك المقدم على صلاح الدين ببعلبك ، وكانت له قد سلمها إليه صلاح الدين لما فتحها جزاء له حيث سلم إليه ابن المقدم دمشق ، على ما سبق ذكره ، فلم تزل بيده إلى الآن ، فطلب شمس الدولة بن أيوب أخو صلاح الدين منه بعلبك ، وألح عليه في طلبها لأن تربيته ومنشأه كان بها ، وكان يحبها ، ويختارها على غيرها من البلاد ، وكان الأكبر ، فلم يمكن صلاح الدين مخالفته ، فأمر شمس الدين بتسليمها إلى أخيه ليعوضه عنها ، فلم يجب إلى ذلك ، وذكره العهود التي له ، وما اعتمده معه من تسليم البلاد إليه ، فلم يصغ إليه ولج عليه في أخذها ، وسار ابن المقدم إليها ، واعتصم بها فتوجه إليه صلاح الدين ، وحصره بها مدة ، ثم رحل عنها من غير أن يأخذها ، وترك عليه عسكرا يحصره ، فلما طال عليه الحصار أرسل إلى صلاح الدين يطلب العوض عنها ليسلمها إليه فعوضه عنها وسلمها ، فأقطعها صلاح الدين أخاه شمس الدولة .

التالي السابق


الخدمات العلمية