حصر صلاح الدين الكرك

في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة كتب صلاح الدين إلى جميع البلاد يستنفر الناس للجهاد ، وكتب إلى الموصل وديار الجزيرة وإربل وغيرها من بلاد الشرق ، وإلى مصر وسائر بلاد الشام ، يدعوهم إلى الجهاد ، ويحثهم عليه ، ويأمرهم بالتجهز له بغاية الإمكان ، ثم خرج من دمشق ، أواخر المحرم ، في عسكرها الخاص ، فسار إلى رأس الماء ، وتلاحقت به العساكر الشامية ، فلما اجتمعوا جعل عليهم ولده الملك الأفضل عليا ليجتمع إليه من يرد إليه منها ، وسار هو إلى بصرى ، جريدة .

وكان سبب مسيره وقصده إليها أنه أتته الأخبار أن البرنس أرناط ، صاحب الكرك ، يريد أن يقصد الحجاج ليأخذهم من طريقهم ، وأظهر أنه إذا فرغ من أخذ الحجاج يرجع إلى طريق العسكر المصري يصدهم عن الوصول إلى صلاح الدين ، فسار إلى بصرى فخيم على قصر أبي سلامة ينتظر قدوم الحجاج ، وفيهم أخته ست الشام وابنها حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين ، ليسلموا من معرة إبرنس الكرك الذي غدر ونقض العهد وفجر . فلما اجتاز الحجيج في أواخر صفر ، سار السلطان فنزل الكرك وقطع ما حوله من الأشجار ورعى الزروع وأكلوا الثمار ، وجاءته العساكر المصرية وتوافت الجيوش الشرقية بالرماح الخطية والسيوف المشرقية ، فنزلوا عند ابن السلطان على رأس الماء.

التالي السابق


الخدمات العلمية