ملك خوارزم شاه علاء الدين كرمان ومكران والسند

هذه الحادثة لا أعلم الحقيقة أي سنة كانت ، إنما هي إما سنة إحدى عشرة وستمائة ، أو قبلها بقليل ، أو بعدها بقليل ، لأن الذي أخبر بها كان من أجناد الموصل ، وسافر إلى تلك البلاد وأقام بها عدة سنين ، وسار مع الأمير أبي بكر ، الذي فتح كرمان ، ثم عاد فأخبرني بها على شك من وقتها ، وقد حضرها فقال : خوارزم شاه محمد بن تكش كان من جملة أمراء أبيه أمير اسمه أبو بكر ، ولقبه تاج الدين .

وكان في ابتداء أمره جمالا يكري الجمال في الأسفار ، ثم جاءته السعادة ، فاتصل بخوارزم شاه ، وصار سيروان جماله ، فرأى منه جلدا وأمانة ، فقدمه إلى أن صار من أعيان أمراء عسكره ، فولاه مدينة زوزن ، وكان عاقلا ذا رأي ، وحزم ، وشجاعة ، فتقدم عند خوارزم شاه تقدما كثيرا ، فوثق به أكثر من جميع أمراء دولته .

فقال أبو بكر لخوارزم شاه : إن بلاد كرمان مجاورة لبلدي ، فلو أضاف السلطان إلي عسكرا لملكتها في أسرع وقت . فسير معه عسكرا كثيرا فمضى إلى كرمان ، وصاحبها اسمه حرب بن محمد بن أبي الفضل الذي كان صاحب سجستان أيام السلطان سنجر ، فقاتله ، فلم يكن له به قوة ، وضعف ، فملك أبو بكر بلاده في أسرع وقت ، وسار منها إلى نواحي مكران فملكها كلها إلى السند ، من حدود كابل ، وسار إلى هرمز ، مدينة على ساحل بحر مكران ، فأطاعه صاحبها ، واسمه ملنك ، وخطب بها لخوارزم شاه ، وحمل عنها مالا ، وخطب له بقلهات ، وبعض عمان ، لأن أصحابها كانوا يطيعون صاحب هرمز .

وسبب طاعتهم له ، مع بعد الشقة ، والبحر يقطع بينهم ، أنهم يتقربون إليه بالطاعة ليأمن أصحاب المراكب التي تسير إليهم عنده ، فإن هرمز مرسى عظيم ، ومجمع للتجار من أقاصي الهند والصين واليمن ، وغيرها من البلاد ، وكان بين صاحب هرمز وبين صاحب كيش حروب ومغاورات ، وكل منهما ينهى أصحاب المراكب أن ترسي ببلد خصمه ، وهم كذلك إلى الآن .

وكان خوارزم شاه يصيف بنواحي سمرقند ; لأجل التتر أصحاب كشلي خان ، لئلا يقصد بلاده ، وكان سريع السير ، إذا قصد جهة سبق خبره إليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية