ذكر عدة حوادث

في سنة إحدى عشرة وستمائة قتل مؤيد الملك الشحري ، وكان قد وزر لشهاب الدين الغوري ، ولتاج الدين ألدز بعده وكان حسن السيرة ، جميل الاعتقاد ، محسنا إلى العلماء ، وأهل الخير وغيرهم ، يزورهم ويبرهم ، ويحضر الجمعة ماشيا وحده .

وكان سبب قتله أن بعض عسكر ألدز كرهوه ، وكان كل سنة يتقدم إلى البلاد الحارة بين يدي ألدز . أول الشتاء ، فسار هذه السنة كعادته ، فجاء أربعون نفرا أتراكا وقالوا له : السلطان يقول لك تحضر جريدة في عشرة نفر لمهم تجدد ; فسار معهم جريدة في عشرة مماليك ، فلما وصلوا إلى نهوند بالقرب من ماء السند قتلوه وهربوا ، ثم إنهم ظفر بهم خوارزم شاه محمد فقتلهم . قال أبو شامة : وفيها شرع في تبليط داخل الجامع ، وبدأوا بناحية السبع الكبير ، وكانت أرض الجامع قبل ذلك حفرا وجورا . فاستراح الناس بتبليطه .

وفيها وسع الخندق مما يلي القيمازية ، فأخربت دور كثيرة هناك ، وحمام قايماز وفرن كان وقفا على دار الحديث النورية وغير ذلك .

وفيها بنى المعظم الفندق المنسوب إليه بناحية قبر عاتكة ظاهر باب الجابية .

وفيها أخذ المعظم قلعة صرخد من ابن قراجا ، وعوضه عنها ، وسلمها إلى مملوكه عز الدين أيبك المعظمي ، فثبتت في يده إلى أن انتزعها منه نجم الدين أيوب سنة أربع وأربعين .

وفيها حج الملك المعظم بن العادل ، ركب من الكرك على الهجن في حادي عشر ذي القعدة ، ومعه ابن موسك ، ومملوكه أيبك ، عز الدين أستاذ داره وخلق ، فسار على طريق تبوك والعلاء ، وبنى المعظم البركة المنسوبة إليه ، ومصانع أخر . فلما قدم المدينة النبوية تلقاه صاحبها سالم ، وسلم إليه مفاتيحها ، وخدمه خدمة تامة ، وأما صاحب مكة قتادة ، فلم يرفع به رأسا ، ولهذا لما قضى نسكه ، وكان قارنا ، وأنفق في المجاورين ما حمله إليهم من الصدقات ، وكر راجعا استصحب معه سالما صاحب المدينة ، وشكا إلى أبيه عند رأس الماء ما لقيه من صاحب مكة ، فأرسل العادل مع سالم جيشا يطردون صاحب مكة عنها ، فلما انتهوا إليها هرب منهم في الأودية والجبال والبراري ، وقد أثر المعظم في هذه السنة بطريق الحجاز آثارا حسنة ، أثابه الله وتقبل منه آمين .

وفيها تعامل أهل دمشق بالقراطيس السود العادلية ، ثم بطلت بعد ذلك وفنيت .

وفيها مات صاحب اليمن ابن سيف الإسلام ، فتولاها سليمان بن شاهنشاه بن تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب باتفاق الأمراء عليه ، فأرسل العادل إلى ابنه الكامل أن يرسل إليها ولده أقسيس بن الكامل ، فأرسله فتملكها فظلم بها وفتك ، وقتل من الأشراف نحوا من ثمانمائة ، وأما ممن عداهم فكثير ، وكان من أفجر الملوك وأكثرهم فسقا ، وأقلهم حياء ودينا ، وقد ذكروا عنه ما تقشعر منه الأبدان ، وتنكره القلوب ، نسأل الله العافية .

التالي السابق


الخدمات العلمية