قتل منكلي وولاية إيدغمش ما كان بيده من الممالك

في سنة اثنتي عشرة وستمائة ، في جمادى الأولى ، انهزم منكلي ، صاحب همذان وأصفهان والري وما بينها من البلاد ، ومضى هاربا ، فقتل .

وسبب ذلك أنه كان قد ملك البلاد ، كما ذكرناه ، وقتل إيدغمش ، فأرسل إليه من الديوان الخليفي رسول ينكر ذلك عليه ، وكان قد أوحش الأمير أوزبك بن البهلوان ، صاحب أذربيجان ، وهو صاحبه ومخدومه ، فأرسل الخليفة إليه يحرضه على منكلي ويعده النصرة ، وأرسل أيضا إلى جلال الدين الإسماعيلي ، صاحب قلاع الإسماعيلية ببلاد العجم ، ألموت وغيرها ، يأمره بمساعدة أوزبك على قتال منكلي ، واستقرت القواعد بينهم على أن يكون للخليفة بعض البلاد ، ولأوزبك بعضها ، ويعطى جلال الدين بعضها ، فلما استقرت القواعد على ذلك جهز الخليفة عسكرا كثيرا ، وجعل مقدمهم مملوكه مظفر الدين سنقر ، الملقب بوجه السبع ، وأرسل إلى مظفر الدين كوكبري بن زين الدين علي كوجك ، وهو إذ ذاك صاحب إربل وشهرزور وأعمالها ، يأمره أن يحضر بعساكره ، ويكون مقدم العساكر جميعها ، وإليه المرجع في الحرب .

فحضر ، وحضر معه عسكر الموصل وديار الجزيرة ، وعسكر حلب ، فاجتمعت عساكر كثيرة ، وساروا إلى همذان ، فاجتمعت العساكر كلها فانزاح منكلي من بين أيديهم وتعلق بالجبال ، وتبعوه ، فنزلوا بسفح جبل هو في أعلاه بالقرب من مدينة كرج ، وضاقت الميرة والأقوات على العسكر الخليفي جميعه ومن معهم ، فلو أقام منكلي بموضعه لم يمكنهم المقام عليه أكثر من عشرة أيام ، لكنه طمع فنزل ببعض عسكره من الجبل مقابل الأمير أوزبك ، فحملوا عليه ، فلم يثبت أوزبك ، ومضى منهزما ، فعاد أصحاب منكلي وصعدوا الجبل ، وعاد أوزبك إلى خيامه ، فطمع منكلي حينئذ ، ونزل من الغد في جميع عسكره ، واصطفت العساكر للحرب واقتتلوا أشد قتال يكون فانهزم منكلي وصعد الجبل ، فلو أقام بمكانه لم يشر أحد على الصعود إليه وكان قصارهم العود عنه ، لكنه اتخذ الليل جملا ، وفارق موضعه ومضى منهزما ، فتبعه نفر يسير من عسكره ، وفارقه الباقون وتفرقوا أيدي سبا .

واستولى عسكر الخليفة وأوزبك على البلاد ، فأعطى جلال الدين ، ملك الإسماعيلية ، من البلاد ما كان استقر له ، وأخذ الباقي أوزبك فسلمه إلى أغلمش مملوك أخيه ، وكان قد توجه إلى خوارزم شاه علاء الدين محمد وبقي عنده ، ثم عاد عنه ، وشهد الحرب وأبلى فيها ، فولاه أوزبك البلاد ، وعاد كل طائفة من العسكر إلى بلادهم .

وأما منكلي فإنه مضى منهزما إلى مدينة ساوة ، وبها شحنة هو صديق له ، فأرسل إليه يستأذنه في الدخول إلى البلد ، فأذن له ، وخرج إليه فلقيه وقبل الأرض بين يديه ، وأدخله البلد ، وأنزله في داره ، ثم أخذ سلاحه ، وأراد أن يقيده ويرسله إلى أغلمش ، فسأله أن يقتله هو ولا يرسله ، فقتله ، وأرسل رأسه إلى أوزبك ، وأرسله أوزبك إلى بغداد ، وكان يوم دخولها يوما مشهودا إلا أنه لم تتم المسرة للخليفة بذلك ، فإنه وصل ومات ولده في تلك الحال ، فأعيد ودفن .

التالي السابق


الخدمات العلمية