ثم دخلت سنة ست عشرة وسبعمائة

استهلت وحكام البلاد هم المذكورون في التي قبلها
، غير الحنبلي بدمشق ، فإنه توفي في السنة الماضية . وفي المحرم تكملت تفرقة المثالات السلطانية بمصر بمقتضى إراكة الأخباز ، وعرض الجيش على السلطان ، وأبطل السلطان المكس بسائر البلاد القبلية والشامية . وفيه وقعت فتنة بين الحنابلة والشافعية ببعلبك بسبب العقائد ، وترافعوا إلى دمشق ، فحضروا بدار السعادة عند نائب السلطنة تنكز ، فأصلح بينهم ، وانفصل الحال على خير من غير محاققة ولا تشويش على أحد من الفريقين ، وذلك يوم الثلاثاء سادس عشر المحرم . وفي يوم الأحد سادس عشر صفر قرئ تقليد قاضي القضاة شمس الدين أبي عبد الله محمد بن مسلم بن مالك بن مزروع الحنبلي بقضاء الحنابلة والنظر في أوقافهم ، عوضا عن التقي سليمان بحكم وفاته ، رحمه الله ، وتاريخ التقليد من سادس ذي الحجة ، وقرئ في الجامع الأموي بحضور القضاة ، والصاحب ، والأعيان ، ثم مشوا معه وعليه الخلعة إلى دار السعادة ، فسلم على النائب وراح إلى الصالحية ، ثم نزل من الغد إلى الجوزية فحكم بها على عادة من تقدمه ، واستناب بعد أيام الشيخ شرف الدين بن الحافظ . وفي يوم الاثنين سابع عشر صفر المذكور وصل الشيخ كمال الدين بن الشريشي من مصر على البريد ، ومعه توقيع بعود الوكالة إليه ، فخلع عليه ، وسلم على النائب والخلعة عليه . وفي هذا الشهر مسك الوزير عز الدين بن القلانسي ، واعتقل بالعذراوية ، وصولح بخمسين ألفا ، ثم أطلق له ما كان أخذ منه ، وانفصل من ديوان نظر الخاص . وفي ربيع الآخر وصل من مصر الأمير فضل بن عيسى ومعه تقليد بإمرة العرب عوضا عن أخيه مهنا بن عيسى ، وأجري له ولابن أخيه موسى بن مهنا إقطاعات جيدة وذلك بسبب دخول مهنا إلى بلاد التتر واجتماعه بملكهم خربندا . وفي يوم الاثنين السادس عشرين من جمادى الأولى باشر ابن صصرى مشيخة الشيوخ بالسميساطية بسؤال الصوفية ، وطلبهم له من نائب السلطنة ، فحضرها ، وحضر عنده الأعيان في هذا اليوم ، عوضا عن الشريف شهاب الدين أبي القاسم محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد بن علي بن الحسن بن الحسين بن يحيى بن موسى بن جعفر الصادق ، وهو الكاشغري ، توفي عن ثلاث وستين سنة ، ودفن بالصوفية . وفي جمادى الآخرة باشر بهاء الدين إبراهيم بن جمال الدين يحيى ، المعروف بابن عليمة الحنفي - وهو ناظر ديوان النائب بالشام - نظر الدواوين عوضا عن شمس الدين محمد بن عبد القادر بن يوسف بن المظفر بن صدقة بن الحظيري الحاسب الكاتب ، توفي ، وقد كان مباشرا عدة من الجهات الكبار مثل نظر الخزانة ، ونظر الجامع ، ونظر المارستان ، وغير ذلك ، واستمر نظر المارستان من يومئذ بأيدي نظار ديوان نائب السلطنة من كان ، وصارت عادة مستمرة . وفي رجب نقل نائب حمص الأمير شهاب الدين قرطاي إلى نيابة طرابلس عوضا عن الأمير سيف الدين التركستاني بحكم وفاته ، وولي الأمير سيف الدين أرقطاي نيابة حمص وسار إليها من دمشق في يوم الأحد سابع رجب ، وتولى نيابة الكرك سيف الدين طقطاي الناصري عوضا عن سيف الدين بيبغا . وفي يوم الأربعاء عاشر رجب درس بالنجيبية القاضي شمس الدين الدمشقي ، عوضا عن الصدر بهاء الدين يوسف بن كمال الدين أحمد بن الظاهر العجمي الحلبي ، سبط الصاحب كمال الدين بن العديم ، توفي ودفن عند خاله ووالده بتربة العديم . وفي آواخر شعبان وصل القاضي شمس الدين بن عز الدين يحيى الحراني أخو قاضي قضاة الحنابلة بمصر شرف الدين عبد الغني إلى دمشق متوليا نظر الأوقاف بها ، عوضا عن الصاحب عز الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن ميسر ، توفي في مستهل رجب بدمشق ، وقد باشر نظر الدواوين بها ، وبمصر ، والحسبة ، وبالإسكندرية ، وغير ذلك ، ولم يكن بقي معه في آخر وقت سوى نظر الأوقاف بدمشق ، مات وقد قارب الثمانين ، ودفن بقاسيون . وفي تاسع شوال خرج الركب الشامي وأميرهم سيف الدين أرغون السلحدار الناصري الساكن عند دار الطراز بدمشق ، وحج من مصر سيف الدين أرغون الدوادار ، وقاضي القضاة ابن جماعة ، وقد زار القدس الشريف في هذه السنة بعد وفاة ولده الخطيب جمال الدين عبد الله ، وكان قد رأس وعظم شأنه . وفي ذي القعدة سار الأمير سيف الدين تنكز إلى زيارة القدس فغاب عشرين يوما . وفيه وصل الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب إلى دمشق من مصر ، وقد كان معتقلا في السجن ، فأطلق وأكرم ، وولي نيابة صفد ، فسار إليها بعد ما قضى أشغاله بدمشق ، ونقل القاضي حسام الدين القزويني من قضاء صفد إلى قضاء طرابلس ، وأعيدت ولاية قضاء صفد إلى قاضي دمشق ، فولى فيها ابن صصرى شرف الدين النهاوندي ، وكان متوليا طرابلس قبل ذلك ، ووصل مع بكتمر الحاجب الطواشي ظهير الدين مختار المعروف بالزرعي ، متوليا الخزانة بالقلعة عوضا عن الطواشي ظهير الدين مختار البلبيسي ، توفي .

التالي السابق


الخدمات العلمية