وهو الذي جعلكم خلائف الأرض أي يخلف بعضكم بعضا كلما مضى قرن جاء قرن حتى تقوم الساعة ولا يكون ذلك إلا من عالم مدبر وإلى هذا ذهب الحسن أو جعلكم خلفاء الله تعالى في أرضه تتصرفون
[ ص: 72 ] فيها كما قيل والخطاب عليهما عام وقيل : الخطاب لهذه الأمة وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أي جعلكم خلفاء الأمم السالفة
ورفع بعضكم فوق بعض في الفضل والغنى كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل درجات كثيرة متفاوتة
ليبلوكم في ما آتاكم أي ليعاملكم معاملة من يبتليكم لينظر ماذا تعملون مما يرضيه وما لا يرضيه
إن ربك تجريد الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع إضافة اسم الرب إليه عليه الصلاة والسلام لإبراز مزيد اللطف به صلى الله عليه وسلم
سريع العقاب أي عقابه سبحانه الأخروي سريع الإتيان لمن لم يراع حقوق ما آتاه لأن كل آت قريب أو سريع التمام عند إرادته لتعاليه سبحانه عن استعمال المبادئ والآلات .
وجوز أن يراد بالعقاب عقاب الدنيا كالذي يعقب التقصير من البعد عن الفطرة وقساوة القلب وغشاوة الأبصار وصم الأسماع ونحو ذلك
وإنه لغفور رحيم (165) لمن راعى حقوق ما آتاه الله تعالى كما ينبغي .
وفي جعل خبر هذه الجملة هذين الوصفين الواردين على بناء المبالغة مع التأكيد باللام مع جعل خبر الأولى صفة جارية على غير من هي له ما لا يخفى من التنبيه على أنه سبحانه غفور رحيم بالذات لا تتوقف مغفرته ورحمته على شيء كما يشير إليه قوله سبحانه في الحديث القدسي
nindex.php?page=hadith&LINKID=687843سبقت رحمتي غضبي مبالغ في ذلك فاعل للعقوبة بالعرض وبعد صدور ذنب من العبد يستحق به ذلك وما ألطف افتتاح هذه السورة بالحمد وختمها بالمغفرة والرحمة نسأل الله تعالى أن يجعل لنا الحظ الأوفر منهما إنه ولي الإنعام وله الحمد في كل ابتداء وختام .