ولقد مكناكم في الأرض ترغيب في قبول دعوة النبي عليه الصلاة والسلام بتذكير النعم إثر ترغيب .
وذكر
الطيبي أن هذا نوع آخر من الإنذار فإنه جملة قسمية معطوفة على قوله سبحانه :
اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم على تقدير قل اتبعوا وقل والله لقد مكناكم والمعنى جعلنا لكم في الأرض مكانا وقرارا .
وقيل : أقدرناكم على التصرف فيها فهو حينئذ كناية ورجحت هنا الحقيقة
وجعلنا لكم فيها معايش أي ما تعيشون به وتحيون من المطاعم والمشارب ونحوها أو ما تتوصلون به إلى ذلك وهو في الأصل مصدر عاش يعيش وعيشة ومعاشا ومعيشة بوزن مفعلة والجمهور على التصريح بالياء فيها وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع معائش بالهمزة وغلطه النحويون ومنهم
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه في ذلك لأنه لا يهمز عندهم بعد ألف الجمع إلا الياء الزائدة كصحيفة وصحائف وأما معايش فياؤه أصلية هي عين الكلمة لأنها من العيش وبالغ
أبو عثمان فقال إن
نافعا لم يكن يدري بالعربية وتعقب ذلك بأن هذه القراءة وإن كانت شاذة غير متواترة مأخوذة من الفصحاء الثقات والعرب قد تشبه الأصلي بالزائد لكونه على صورته وقد سمع هذا عنهم فيما ذكر وفي مصائب ومنائر أيضا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه إنها غلط يمكن أن يراد به أنها خارجة عن الجادة والقياس وكثيرا ما يستعمل الغلط في كتابه بهذا المعنى والجعل بمعنى الإنشاء والإبداع وكل واحد من الظرفين متعلق به أو بمحذوف وقع حالا من مفعوله المنكر إذ لو تأخر لكان صفة له وتقديمها على المفعول مع أن حقهما التأخير عنه كما قال بعض المحققين للاعتناء بشأن المقدم والتشويق إلى المؤخر فإن النفس عند تأخير ما حقه التقديم لا سيما عند كون المقدم
[ ص: 86 ] منبئا عن منفعة السامع تبقى مترقبة لورود المؤخر فيتمكن فيها عند الورود فضل تمكن وأما تقديم اللام على في فلما أنه المنبئ عما ذكر من المنفعة والاعتناء بشأنه أتم والمسارعة إلى ذكره أهم وقيل : إن الجعل متعد إلى مفعولين ثانيهما أحد الظرفين على أنه مستقر قدم على الأول والظرف إما لغو متعلق بالجعل أو بالمحذوف الواقع حالا من المفعول الأول كما مر واعترض بأنه لا فائدة يعتد بها في الإخبار بجعل المعايش حاصلة لهم أو حاصلة في الأرض
قليلا ما تشكرون (10) تلك النعمة الجسيمة وهو تذييل مسوق لبيان سوء المخاطبين وتحذيرهم قال
الطيبي : والتذييل بذلك لأن الشكر مناسب لتمكينهم في البلاد والتصرف فيها كما أن التذكر في الجملة السابقة موافق للتمييز بين اتباع دين الحق ودين الباطل وبقية الكلام في هذه الجملة على طرز ما مر في نظيرها فتذكر .