وقوله سبحانه :
وإذا فعلوا فاحشة جملة مبتدأ لا محل لها من الإعراب وجوز عطفها على الصلة والفاحشة الفعلة القبيحة المتناهية في القبح والتاء إما لأنها مجراة على الموصوف المؤنث أي فعلة فاحشة وإما للنقل من الوصفية إلى الاسمية والمراد بها هنا عبادة الأصنام وكشف العورة في الطواف ونحو ذلك .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء تخصيصها بكشف العورة وفي الآية على ما قاله
الطبرسي حذف أي وإذا فعلوا فاحشة فنهوا عنها
قالوا جواب للناهين
وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها محتجين بأمرين تقليد الآباء والافتراء على الله سبحانه وتقديم المقدم للإيذان بأنه المعول عليه عندهم أو للإشارة منهم إلى أن آباءهم إنما كانوا يفعلونها بأمر الله تعالى على أن ضمير
أمرنا كما قيل لهم ولآبائهم وحينئذ يظهر وجه الإعراض عن الأول في رد مقالتهم بقوله تعالى :
قل إن الله لا يأمر بالفحشاء فإن عادته تعالى جرت على الأمر بمحاسن الأعمال والحث على مكارم الخصال وهو اللائق بالحكمة المقتضية أن لا يتخلف وقال الإمام لم يذكر سبحانه جوابا عن حجتهم الأولى لأنها إشارة إلى محض التقليد وقد تقرر في العقول أنه طريقة فاسدة لأن التقليد حاصل في الأديان المتناقضة فلو كان التقليد حقا لزم القول بحقية الأديان المتناقضة وأنه محال فلما كان فساد هذا الطريق ظاهرا لم يذكر الله تعالى الجواب عنه وذكر بعض المحققين أن الإعراض إنما هو عن التصريح برده وإلا فقوله سبحانه : ( إن الله ) .. إلخ . متضمن للرد لأنه سبحانه إذا أمر بمحاسن الأعمال كيف يترك أمره لمجرد اتباع الآباء فيما هو قبيح عقلا والمراد بالقبح العقلي هنا نفرة الطبع السليم واستنقاص العقل المستقيم لا كون الشيء متعلق الذم قبل ورود النهي عنه وهو المتنازع فيه بيننا وبين المعتزلة دون الأول كما حقق في الأصول فلا دلالة في الآية على ما زعموه وقيل : إن المذكور جوابا لسؤالين مترتبين كأنه قيل لهم لما فعلوها لم فعلتم قالوا : وجدنا آباءنا فقيل ومن أين أخذ آباؤكم فقالوا الله أمرنا بها والكلام حينئذ على تقدير مضاف أي أمر آباءنا وقيل : لا تقدير والعدول عن أمرهم الظاهر حينئذ للإشارة إلى ادعاء أن أمر آبائهم أمر لهم وعلى الوجهين يمتنع التقليد إذا قام الدليل على خلافه فلا دلالة في الآية على المنع من التقليد مطلقا .
أتقولون على الله ما لا تعلمون (28) من تمام القول المأمور به والهمزة لإنكار الواقع واستقباحه والإشارة إلى أنه لا ينبغي أن يكون وتوجيه الإنكار إلى قولهم عليه تعالى ما لا يعلمون صدوره منه عز شأنه مع أن منهم من يقول عليه سبحانه ما يعلم عدم صدوره مبالغة في إنكار تلك الصورة ولا دليل في الآية لمن نفى القياس بناء على أن ما يثبت به مظنون لا معلوم لأن ذلك مخصوص من عمومها بإجماع الصحابة ومن يعتد به أو بدليل آخر وقيل المراد بالعلم ما يشمل الظن