أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم رد لما هو منشأ لقولهم :
إنا لنراك في ضلال مبين والاستفهام للإنكار أي لم كان ذلك ولا داعي له والواو للعطف على مقدر ينسحب عليه الكلام ويقدر عند
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وأتباعه بين الهمزة وواو العطف كأنه قيل : استبعدتم وعجبتم ومذهب سيبويه والجمهور أن الهمزة من جملة أجزاء المعطوف إلا أنها قدمت على العاطف تنبيها على أصالتها في التصدير وضعف قول الأولين بما فيه من التكلف لدعوى حذف الجملة فإن قوبل بتقديم بعض المعطوف فقد يقال : إنه أسهل منه لأن المتجوز فيه أقل لفظا وفيه تنبيه على أصالة شيء في شيء وبأنه غير مطرد في نحو
أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وتحقيقه في محله و
أن جاءكم بتقدير بأن لأن الفعل السابق يتعدى بها والمراد بالذكر ما أرسل به كما قيل للقرآن ذكر ويفسر بالموعظة ومن للابتداء والجار والمجرور متعلق بجاء أو بمحذوف وقع صفة لذكر أي ذكر كائن من مالك أموركم ومربيكم .
على رجل منكم أي من جملتكم تعرفون مولده ومنشأه أو من جنسكم فمن تبعيضية أو بيانية كما قيل و ( على ) متعلقة بجاء بتقدير مضاف أي على يد أو لسان رجل منكم أي بواسطته وقيل : على بمعنى مع فلا حاجة إلى التقدير وقيل : تعلقه به لأن معناه أنزل كما يشير إليه كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبي البقاء أو لأنه ضمن معناه وجوز أن يكون متعلقا بمحذوف وقع حالا من ذكر أي نازلا على رجل منكم
لينذركم علة للمجيء أي ليحذركم العذاب والعقاب على الكفر والمعاصي
ولتتقوا عطف على
لينذركم وكذا قوله تعالى :
ولعلكم ترحمون (63) على ما هو الظاهر فالمجيء معلل بثلاثة أشياء وليس من توارد العلل على معلول واحد الممنوع وبينها ترتب في نفس الأمر فإن الإنذار سبب للتقوى والتقوى سبب لتعلق الرحمة بهم وليس في الكلام دلالة على سببية كل من الثلاثة لما بعده ولو أريدت السببية لجيء بالفاء وبعضهم اعتبر عطف ( لتتقوا ) على ( لينذركم
ولعلكم ترحمون على ( لتتقوا ) مع ملاحظة الترتب أي لتتقوا بسبب الإنذار ولعلكم ترحمون بسبب التقوى فليتأمل .
وجيء بحرف الترجي على عادة العظماء في وعدهم أو للتنبيه على عزة المطلب وأن الرحمة منوطة بفضل الله تعالى فلا اعتماد إلا عليه