وأملي لهم أي: أمهلهم والواو للعطف وما بعده معطوف على سنستدرجهم غير داخل في حكم السين لما أن الإمهال ليس من الأمور التدريجية كالاستدراك الحاصل في نفسه شيئا فشيئا، بل هو مما يحصل دفعة، والحاصل بطريق التدريج آثاره وأحكامه ليس إلا، ويلوح بذلك تغيير التعبير بتوحيد الضمير مع ما فيه من الافتنان المنبئ عن مزيد الاعتناء بمضمون الكلام لابتنائه على تجديد القصة والعزيمة، وجعله غير واحد داخلا في حكمها، ولا يخفى التوحيد حينئذ، وقيل: إنه كلام مستأنف أي: وأنا أملي لهم، والخروج من ذلك الضمير إلى ضمير المتكلم المفرد شبيه الالتفات، واستظهر أنه من التلوين.
وما قيل: إن هذا للإشعار بأن الإمهال بمحض التقدير الإلهي وذاك للإشارة إلى أن الاستدراج بتوسط المدبرات ليس بشيء لمكان:
ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إن كيدي متين تقرير للوعيد وتأكيد له، والمتين من المتانة بمعنى الشدة والقوة، ومنه المتن للظهر أو اللحم الغليظ في جانبي الصلب، وفسر
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الكيد بالمكر. وفسره بعضهم بالاستدراج والإملاء مع نتيجتهما، وتسميته كيدا لما أن ظاهره لطف وباطنه قهر، وبعضهم بنفس الأخذ فقط فتسميته حينئذ بذلك قيل: لكون مقدماته كذلك، وقيل: لنزوله بهم من حيث لا يشعرون، وأيا ما كان فالمعنى أن كيدي قوي لا يدافع بقوة ولا بحيلة، والآية حجة لأهل السنة في مسألة القضاء والقدر. وادعى بعض المفسرين أنها نزلت في المستهزئين من
قريش أمهلهم الله تعالى ثم أخذهم في يوم بدر،