إن وليي الله الذي نزل الكتاب تعليل لعدم المبالاة المنفهم من السوق انفهاما جليا، وأل في الكتاب للعهد والمراد منه القرآن، ووصفه سبحانه بتنزيل الكتاب للإشعار بدليل الولاية، وكأنه وضع (نزل الكتاب) موضع (أرسلني رسولا)، ولا شك أن الإرسال يقتضي الولاية والنصرة، وقيل: إن في ذلك إشارة إلى علة أخرى لعدم المبالاة كأنه قيل: لا أبالي بكم وبشركائكم لأن وليي هو الله تعالى الذي نزل الكتاب الناطق بأنه وليي وناصري وبأن شركاءكم لا يستطيعون نصر أنفسهم فضلا عن نصركم، وقوله سبحانه وتعالى:
وهو يتولى الصالحين تذييل مقرر لمضمون ما قبله، أي: ومن عادته جل شأنه أن ينصر الصالحين من عباده ولا يخذلهم وقال
الطيبي: إنما خص اسم الذات بتنزيل الكتاب وجعلت الآية تعليلا للدلالة على تفخيم أمر المنزل وأنه الفارق بين الحق والباطل، وأنه المجلي لظلمات الشرك والمفحم لألسن أرباب البيان والمعجز الباقي في كل أوان، وهو النور المبين والحبل المتين، وبه أصلح الله تعالى شؤون رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم حيث كمل به خلقه وأقام به أوده وأفسد به الأباطيل المعطلة، ومن ثم جيء بقوله سبحانه وتعالى: ( وهو ) إلخ كالتذييل والتقرير لما سبق والتعريض بمن فقد الصلاح بالخذلان والمحق. والمعنى: إن وليي الذي نزل الكتاب المشهور الذي تعرفون حقيقته ومثله
[ ص: 146 ] يتولى الصالحين ويخذل غيرهم، ولا يخفى أن ما ذكر أولا في أمر الوصفية أنسب بالمقام وأمر التذييل مما لا مرية فيه، وهذه الآية مما جربت المداومة عليها للحفظ من الأعداء وكانت ورد الوالد عليه الرحمة في الأسحار، وقد أمره بذلك بعض الأكابر في المنام، والجمهور على تشديد الياء الأولى من (وليي) وفتح الثانية ويقرأ بحذفها في اللفظ لسكونها وسكون ما بعدها، وبفتح الأولى ولا ياء بعدها وحذف الثانية من اللفظ تخفيفا.