وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا إرشاد إلى طريق الفوز بما أشير إليه من المنافع الجليلة التي ينطوي عليها القرآن، والاستماع معروف، واللام جوز أن تكون أجلية وأن تكون بمعنى إلى وأن تكون صلة، أي: فاستمعوه، والإنصات السكوت يقال: نصت ينصت وأنصت وانتصت إذا سكت والاسم النصتة بالضم، ويقال كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13696الأزهري: أنصته وأنصت له إذا سكت له واستمع لحديثه، وجاء أنصته إذا أسكته، والعطف للاهتمام بأمر القرآن، وعلل الأمر بقوله سبحانه وتعالى:
لعلكم ترحمون أي: لكي تفوزوا بالرحمة التي هي أقصى ثمراته، والآية دليل
لأبي حنيفة رضي الله تعالى عنه في أن
المأموم لا يقرأ في سرية ولا جهرية لأنها تقتضي
وجوب الاستماع عند قراءة القرآن في الصلاة وغيرها، وقد قام الدليل في غيرها على جواز الاستماع وتركه فبقي فيها على حاله في الإنصات للجهر وكذا في الإخفاء لعلمنا بأنه يقرأ، ويؤيد ذلك أخبار جمة، فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد، nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في سننه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=27921قرأ رجل من الأنصار خلف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في الصلاة فنزلت: وإذا قرئ القرآن إلخ.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، أنه صلى بأصحابه فسمع أناسا يقرؤون خلفه، فلما انصرف قال: أما آن لكم أن تفهموا! أما آن لكم أن تعقلوا!
وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا كما أمركم الله تعالى.
[ ص: 151 ] وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة، عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال: لا قراءة خلف الإمام.
وأخرج أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: «قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=667173إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا».
وأخرج أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر: «أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=64046من كان له إمام فقراءته له قراءة».
وهذا الحديث إذا صح وجب أن يخص عموم قوله تعالى:
فاقرءوا ما تيسر .
وقوله صلى الله تعالى عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=30838«لا صلاة إلا بقراءة».
على طريقة الخصم مطلقا فيخرج المقتدي وعلى طريقتنا أيضا لأن ذلك العموم قد خص منه البعض وهو المدرك في الركوع إجماعا فجاز التخصيص بعده بالمقتدي بالحديث المذكور، وكذا يحمل
nindex.php?page=hadith&LINKID=650715قوله عليه الصلاة والسلام للمسيء صلاته: «فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن».
على غير حالة الاقتداء جمعا بين الأدلة، بل قد يقال: إن القراءة ثابتة من المقتدي شرعا؛ فإن قراءة الإمام له فلو قرأ لكان له قراءتان في صلاة واحدة وهو غير مشروع.
بقي الكلام في تصحيح الخبر، وقد روي من طرق عديدة مرفوعا عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله تعالى عنه عليه الصلاة والسلام، وقد ضعف، واعترف المضعفون لرفعه
كالدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وابن عدي بأن الصحيح أنه مرسل لأن الحفاظ كالسفيانين
وأبي الأحوص وشعبة وإسرائيل
وشريك وجرير وأبي الزبير nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد، وخلق آخرين رووه عن
موسى بن أبي عائشة عن
عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فأرسلوه، وقد أرسله مرة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه، وحينئذ لنا أن نقول: المرسل حجة عند أكثر أهل العلم فيكفينا فيما يرجع إلى العمل على رأينا وعلى طريق الإلزام أيضا بإقامة الدليل على حجية المرسل أيضا، وعلى تقدير التنزل عن حجيته فقد رفعه الإمام بسند صحيح.
وروى
محمد بن الحسن في موطئه قال: أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة أبو الحسن موسى بن أبي عائشة عن
عبد الله بن شداد عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=913516«من صلى خلف إمام فإن قراءة الإمام له قراءة».
وقولهم: إن الحفاظ الذين عدوهم لم يرفعوه غير صحيح.
فقد قال
أحمد بن منيع في مسنده: أخبرنا
إسحاق الأزرق، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان وشريك عن
موسى بن أبي عائشة عن
عبد الله بن شداد عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=913244«من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة».
ثم قال: وحدثنا
جرير عن
موسى عن
عبد الله عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم - فذكره ولم يذكر
جابرا - ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم حدثنا
الحسن بن صالح عن
أبي الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر، عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فذكره، وإسناد حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر الأول على شرط الشيخين، والثاني على شرط
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، فهؤلاء
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان وشريك وجرير وأبو الزبير رفعوه بالطرق الصحيحة فبطل عدهم فيمن لم يرفعه، ولو تفرد الثقة وجب قبوله لأن الرفع زيادة، وزيادة الثقة مقبولة فكيف ولم ينفرد، والثقة قد يسند الحديث تارة ويرسله أخرى. وأخرجه
ابن عدي عن الإمام رضي الله تعالى عنه في ترجمته، وذكر فيها قصة وبها أخرجه
أبو عبد الله الحاكم قال: حدثنا
أبو محمد بن بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي، حدثنا
عبد الصمد بن الفضل البلخي، حدثنا
مكي بن إبراهيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة عن
موسى بن أبي عائشة عن
عبد الله بن شداد بن الهاد عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله: nindex.php?page=hadith&LINKID=64045«إن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم صلى ورجل خلفه يقرأ فجعل رجل من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ينهاه عن القراءة في الصلاة، فلما انصرف أقبل عليه الرجل قال: أتنهاني عن القراءة خلف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فتنازعا حتى ذكرا ذلك للنبي صلى الله [ ص: 152 ] عليه وسلم صلى الله تعالى عليه وسلم فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: من صلى خلف إمام فإن قراءة الإمام له قراءة».
وفي رواية
لأبي حنيفة: «إن ذلك كان في الظهر أو العصر» وهي
nindex.php?page=hadith&LINKID=64045أن رجلا قرأ خلف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في الظهر أو العصر فأومأ إليه فنهاه، فلما انصرف قال: أتنهاني الحديث. نعم إن
جابرا روى منه محل الحكم فقط تارة والمجموع تارة ويتضمن رد
القراءة خلف الإمام لأنه خرج تأييدا لنهي ذلك الصحابي عنها مطلقا في السرية والجهرية خصوصا في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أن القصة كانت في السرية لا إباحة فعلها وتركها فيعارض ما روي في بعض روايات حديث:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688510«ما لي أنازع في القرآن».
أنه قال: إنه لا بد ففي الفاتحة، وكذا ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، nindex.php?page=hadith&LINKID=844042عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت، قال: كنا خلف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في صلاة الفجر فقرأ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: «لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟» قلنا: نعم هذا، قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لا يقرأ بها».
ويقدم لتقدم المنع على الإطلاق عند التعارض ولقوة السند؛ فإن حديث المنع أصح فبطل رد المتعصبين، وتضعيف بعضهم لمثل
nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام الأعظم رضي الله تعالى عنه مع تضييقه في الرواية إلى الغاية حتى إنه شرط التذكر لجوازها بعد علم الراوي أن ذلك المروي خطه، ولم يشترط الحفاظ هذا ولم يوافقه صاحباه على أن الخبر قد عضد بروايات كثيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر غير هذه، وإن ضعفت وبمذاهب الصحابة أيضا
كابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود.
وأخرج
محمد عن
داود بن قيس بن عجلان أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه قال: ليت في فم الذي يقرأ خلف الإمام حجرا، وروي مثل ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص.
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه إلا أن فيه مقالا أنه قال: من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي: أدركت سبعين بدريا كلهم يمنعون المقتدي عن القراءة خلف الإمام، وقد ادعى بعض أصحابنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، ولعل مراده بذلك إجماع كثير من كبارهم، وإلا ففيه نظر، وكون مراده الإجماع السكوتي ليس بشيء أيضا، وذهب قوم إلى أن المأموم يقرأ إذا أسر الإمام القراءة ولا يقرأ إذا جهر وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير والقاسم بن محمد nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله تعالى عنه، وحجتهم فيما قيل: إن الآية تدل على الأمر بالاستماع لقراءة القرآن، والسنة تدل على وجوب القراءة خلف الإمام فحملنا مدلول الآية على صلاة الجهر ومدلول السنة على صلاة السر جمعا بين الدلائل، وقال آخرون: إنما يقرأ في السرية لأنه لا يقال له: مستمع، واعترض بأنه وإن سلمنا أنه لا يقال له ذلك لكن لا نسلم أنه لا يقال له: منصت مع علمه بالقراءة، وبأنا لا نسلم دلالة السنة على وجوب القراءة خلف الإمام ودون إثبات ذلك خرط القتاد، على أن الجزم العمل بأقوى الدليلين، وليس مقتضى أقواهما إلا المنع، ومن هنا ضعف ما يروى عن
محمد بن الحسن رحمه الله تعالى أنه يستحسن قراءة الفاتحة على سبيل الاحتياط مخالفا لما ذهب إليه
الإمام وأبو يوسف من كراهة القراءة لما في ذلك من الوعيد، والحق أن قوله كقولهما، فقد قال في كتاب الآثار بعد ما أسند إلى
علقمة بن قيس: إنه ما قرأ قط فيما يجهر به ولا فيما لا يجهر به، وبه نأخذ فلا نرى القراءة خلف الإمام في شيء من الصلاة يجهر فيه أو لا يجهر فيه، ولا ينبغي أن يقرأ خلفه في شيء منها، وذكر في موطئه نحو ذلك، وقال
السرخسي: تفسد صلاة القارئ خلف الإمام في قول عدة من
[ ص: 153 ] الصحابة رضي الله تعالى عنهم ومنهم فيما قيل
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص، وفي رواية
المزني عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه يقرأ في الجهرية والسرية، وفي رواية
البويطي أنه يقرأ في السرية أم القرآن ويضم السورة في الأوليين ويقرأ في الجهرية أم القرآن فقط. والمشهور عند الشافعية أنه
لا سورة للمأموم الذي يسمع الإمام في جهرية بل يستمع. فإن بعد بأن لم يسمع أو سمع صوتا لا يميز حروفه أو كانت سرية قرأ في الأصح، وسبب النزول لم يكن القراءة في الصلاة بل أمر آخر. فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أنهم كانوا يتكلمون في الصلاة فنزلت، وحاصلها النهي عن التكلم لا عن القراءة، ومن الناس من فسر القرآن بالخطبة، والأمر بالاستماع إما للوجوب أو الندب، وعندنا
الإنصات في الخطبة فرض على تفصيل في المسألة، وأخرج غير واحد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، رضي الله تعالى عنه أن الآية في الصلاة والخطبة يوم الجمعة، وفي كلام أصحابنا ما يدل على وجوب الاستماع في الجهر بالقرآن مطلقا.
قال في الخلاصة:
رجل يكتب الفقه وبجنبه رجل يقرأ القرآن فلا يمكنه استماع القرآن فالإثم على القارئ، وعلى هذا
لو قرأ على السطح في الليل جهرا والناس نيام يأثم، وهذا صريح في إطلاق الوجوب، وعلل ذلك بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، و (إذا) هنا للكلية وغالب الشرطيات القرآنية المؤداة بها كلية، وهذا والمراد من الاستماع في الآية المعنى المتبادر منه، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: المراد منه القبول والإجابة، وهو بهذا المعنى مجاز كما نص عليه في الأساس، ومنه سمع الله تعالى لمن حمده وسمع الأمير كلام فلان، ورجح ذلك العلامة
الطيبي قال: وهذا أوفق لتأليف النظم الكريم سابقا ولاحقا وأجمع للمعاني والأقوال فإنه تعالى لما ذكر تعريضا أن المشركين إنما استهزؤوا بالقرآن ونبذوه وراءهم ظهريا لأنهم فقدوا البصائر وعدموا الهداية والرحمة وأن حالهم على خلاف المؤمنين أمر المؤمنين بما هو أزيد من مجرد الاستماع وهو قبوله والعمل بما فيه والتمسك به وأن لا يجاوزوه مرتبا للحكم على تلك الأوصاف، ولذلك قيل: إذا قرئ القرآن وضعا للمظهر موضع المضمر لمزيد الدلالة على العلية، يعني إذا ظهر أيها المؤمنون أنكم لستم مثل هؤلاء المعاندين فعليكم بهذا الكتاب الجامع لصفات الكمال الهادي إلى الصراط المستقيم الموصل إلى مقام الرحمة والزلفى فاستمعوه وبالغوا في الأخذ منه والعمل بما فيه ليحصل المطلوب ولعلكم ترحمون، ويدخل في هذا وجوب الإنصات في الصلاة بطريق الأولى لأنها مقام المناجاة، والاستماع من المتكلم، وعلى هذا الإنصات عند تلاوة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم اهـ، ويعلم منه أن الخطاب في الآية للمؤمنين بل هو نص في ذلك.
وقال بعضهم: إن الخطاب فيها للكفار، وذلك أن كون القرآن بصائر وهدى ورحمة لا يظهر إلا بشرط مخصوص وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام إذا قرأ عليهم القرآن عند نزوله استمعوا له وأنصتوا ليقفوا على معانيه ومزاياه فيعترفوا بإعجازه ويستغنوا بذلك عن طلب سائر المعجزات، وأيد هذا بقوله سبحانه وتعالى في آخر الآية:
لعلكم ترحمون بناء على أن ذلك للترجي وهو إنما يناسب حال الكفار لا حال المؤمنين الذين حصل لهم الرحمة جزما في قوله تعالى:
ورحمة لقوم يؤمنون وأجيب بأن هذه الرحمة المرجوة غير تلك الرحمة، ولئن سلم كونها إياها فالإطماع من الكريم واجب فلم يبق فرق، وفي بناء الفعل للمفعول إشارة إلى أن مدار الأمر القراءة من أي قارئ كان، وفي الآية من الدلالة على تعظيم شأن القرآن ما لا يخفى. ومن
[ ص: 154 ] هنا قال بعض الأصحاب:
يستحب لمريد قراءته خارج الصلاة أن يلبس أحسن ثيابه ويتعمم ويستقبل القبلة تعظيما له، ومثله في ذلك العلم، ولو
قرأ مضطجعا فلا بأس؛ إذ هو نوع من الذكر، وقد مدح سبحانه ذاكريه قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويضم رجليه عند القراءة ولا يمدها؛ لأنه سوء أدب، ولو
قرأ ماشيا أو عند النسج ونحوه من الأعمال فإن كان القلب حاضرا غير مشتغل لم يكره وإلا كره، ولا
يقرأ وهو مكشوف العورة أو كان بحضرته من هو كذلك. وإن كانت زوجته، وكره بعضهم
القراءة في الحمام والطريق. قال
النووي: ومذهبنا لا تكره فيهما، وتكره في الحش وبيت الرحى وهي تدور عند
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي وهو مقتضى مذهبنا، والكلام في آداب القراءة وما ينبغي للقارئ طويل، وفي الإتقان قدر له قدر من ذلك، فإن كان عندك فارجع إليه.
والجملة على ما يدل عليه كلامهم يحتمل أن تكون من القول المأمور به، ويحتمل أن تكون استئنافا من جهته تعالى، قيل: وعلى الأول فقوله سبحانه وتعالى: