ولو ترى خطاب للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم أو لكل أحد ممن له حظ من الخطاب ، والمضارع هنا بمعنى الماضي لأن ( لو ) الامتناعية ترد المضارع ماضيا كما أن إن ترد الماضي مضارعا ، أي ولو رأيت
إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة إلخ لرأيت أمرا فظيعا ، ولا بد عند العلامة من حمل معنى المضي هنا على الفرض والتقدير ، وليس المعنى على حقيقة المضي ، قيل : والقصد إلى استمرار امتناع الرؤية وتجدده وفيه بحث ، وإذ ظرف لترى والمفعول محذوف ، أي ولو ترى الكفرة أو حالهم حينئذ ، و (
الملائكة ) فاعل يتوفى ، وتقديم المفعول للاهتمام به ، ولم يؤنث الفعل لأن الفاعل غير حقيقي التأنيث ، وحسن ذلك الفصل
[ ص: 17 ] بينهما ، ويؤيد هذا الوجه قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر ( تتوفى ) بالتاء ، وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء أن يكون الفاعل ضمير الله تعالى ، والملائكة على هذا مبتدأ خبره جملة
يضربون وجوههم والجملة الاسمية مستأنفة ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبي البقاء في موضع الحال ، ولم يحتج إلى الواو لأجل الضمير ، ومن يرى أنه لا بد فيها من الواو وتركها ضعيف يلتزم الأول ، وعلى الأول يحتمل أن يكون جملة يضربون مستأنفة وأن تكون حالا من الفاعل أو المفعول أو منهما لاشتمالها على ضميريهما وهي مضارعية يكتفى فيها بالضمير كما لا يخفى ، والمراد من وجوههم ما أقبل منهم ، ومن قوله سبحانه : (
وأدبارهم ) ما أدبر وهو كل الظهر ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أن المراد منه أستاههم ولكن الله تعالى كريم يكنى والأول أولى ، وذكرهما يحتمل أن يكون للتخصيص بهما لأن الخزي والنكال في ضربهما أشد ويحتمل أن يراد التعميم على حد قوله تعالى : ( بالغدو والآصال ) لأنه أقوى ألما ، والمراد من الذين كفروا قتلى بدر كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وغيره .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أن رجلا قال لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشراك فقال عليه الصلاة والسلام : ذلك ضرب الملائكة . وفي رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما يشعر بالعموم ، فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم عنه أنه قال : آيتان يبشر بهما الكافر عند موته وقرأ (
ولو ترى ) إلخ ، ولعل الرواية عنه رضي الله تعالى عنه لم تصح
وذوقوا عذاب الحريق عطف على (
يضربون ) بإضمار القول ، أي ويقولون: ذوقوا ، أو حال من ضميره كذلك أي ضاربين وجوههم وقائلين ذوقوا ، وهو على الوجهين من قول الملائكة ، والمراد بعذاب الحريق عذاب النار في الآخرة ، فهو بشارة لهم من الملائكة بما هو أدهى وأمر مما هم فيه ، وقيل كان مع الملائكة يوم بدر مقامع من حديد كلما ضربوا المشركين بها التهبت النار في جراحاتهم ، وعليه فالقول للتوبيخ ، والتعبير بذوقوا قيل : للتهكم لأن الذوق يكون في المطعومات المستلذة غالبا ، وفيه نكتة أخرى وهو أنه قليل من كثير وأنه مقدمة كأنموذج الذائق ، وبهذا الاعتبار يكون فيه المبالغة ، وإن أشعر الذوق بقلته .
وذكر بعضهم : وهو خلاف الظاهر أنه يحتمل أن يكون هذا القول من كلام الله تعالى كما في آل عمران (
ونقول ذوقوا عذاب الحريق ) وجواب ( لو ) محذوف لتفظيع الأمر وتهويله وتقديره ما أشرنا إليه سابقا ، وقدره
الطيبي: لرأيت قوة أوليائه ونصرهم على أعدائه .