ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا بياء الغيبة وهي قراءة
حفص ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ،
وأبي جعفر ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ، وزعم تفرد الأخير بها وهم كزعم أنها غير نيرة ، فقد نص في التيسير على أنه قرأ بها إلا ولأن أيضا ، وفي المجمع على أنه قرأ بها الأربعة ، وقال المحققون : إنها أنور من الشمس في رابعة النهار لأن فاعل يحسبن الموصول بعده ومفعوله الأول محذوف أي: أنفسهم وحذف للتكرار والثاني جملة سبقوا ، أي لا يحسبن أولئك الكافرون أنفسهم سابقين أي مفلتين من أن يظفر بهم .
والمراد من هذا إقناطهم من الخلاص وقطع أطماعهم الفارغة من الانتفاع بالنبذ ، والاقتصار على دفع هذا التوهم وعدم دفع توهم سائر ما تتعلق به أمانيهم الباطلة من مقاومة المؤمنين أو الغلبة عليهم للتنبيه على أن ذلك مما لا يحوم عليه عقاب وهمهم وحسبانهم وإنما الذي يمكن أن يدور في خلدهم حسبان المناص فقط ، ويحتمل أن يكون الفاعل ضميرا مستترا ، والحذف لا يخطر بالبال كما توهم ، أي لا يحسبن هو أي
[ ص: 24 ] قبيل المؤمنين أو الرسول أو الحاسب أو من خلفهم أو أحد ، وهو معلوم من الكلام فلا يرد عليه أنه لم يسبق له ذكر ، ومفعولا الفعل الذين كفروا وسبقوا ، وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء أن الفاعل الذين كفروا وإن سبقوا بتقدير إن سبقوا فتكون أن وما بعدها سادة مسد المفعولين ، وأيد بقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ( أنهم سبقوا ) .
واعترضه
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء ، وغيره بأن أن المصدرية موصول وحذف الموصول ضعيف في القياس شاذ في الاستعمال لم يرد منه إلا شيء يسير كتسمع بالمعيدي خير من أن تراه ونحوه فلا ينبغي أن يخرج كلام الله تعالى عليه .
وقرأ من عدا من ذكر ( تحسبن ) بالتاء الفوقية على أن الخطاب للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم أو لكل من له حظ في الخطاب و (
الذين كفروا سبقوا ) مفعولاه ولا كلام في ذلك .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ( ولا تحسبن الذين ) بكسر الباء وفتحها على حذف النون الخفيفة ، وقوله تعالى : (
إنهم لا يعجزون ) أي لا يفوتون الله تعالى أو لا يجدون طالبهم عاجزا عن إدراكهم تعليل للنهي على طريق الاستئناف ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر ( أنهم ) بفتح الهمزة وهو تعليل أيضا بتقدير اللام المطرد حذفها في مثله .
وقيل : الفعل واقع عليه ، و ( لا ) صلة ويؤيده أنه قرئ بحذفها و (
سبقوا ) حال بمعنى سابقين أي مفلتين هاربين .
وضعف بأن ( لا ) لا تكون صلة في موضع يجوز أن لا تكون كذلك، وبأن المعهود كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء في المفعول الثاني لحسب في مثل ذلك أن تكون أن فيه مكسورة ، وهذا على قراءة الخطاب لإزاحة ما عسى أن يحذر من عاقبة النبذ لما أنه إيقاظ للعدو وتمكين لهم من الهرب والخلاص من أيدي المؤمنين ، وفيه نفي لقدرتهم على المقاومة والمقابلة على أبلغ وجه وآكده كما يشير إليه .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13980الجبائي أن (
لا يعجزون ) على معنى لا يعجزونك على أنه خطاب أيضا للنبي عليه الصلاة والسلام ولا يخلو عن حسن ، والظاهر أن عدم الإعجاز كيفما قدر المفعول إشارة إلى أنه سبحانه سيمكن منهم في الدنيا ، فما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أن المعنى لا يفوتون الله تعالى حتى لا يبعثهم في الآخرة غريب منه إن صح ، وادعى الخازن أن المعنى على العموم على معنى لا يعجزون الله تعالى مطلقا إما في الدنيا بالقتل وإما في الآخرة بعذاب النار ، وذكر أن فيه تسلية للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم فيمن فاته من المشركين ولم ينتقم منه ، وهو ظاهر على القول بأن الآية نزلت فيمن أفلت من فل المشركين ، وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، وقرئ ( يعجزون ) بالتشديد .
وقرأ
ابن محيصن ( يعجزون ) بكسر النون بتقدير يعجزونني فحذفت إحدى النونين للتخفيف والياء اكتفاء بالكسرة ، ومثله كثير في الكتاب .