ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة أي : أهبة من الزاد والراحلة وسائر ما يحتاج إليه المسافر في السفر الذي يريده .
وقرئ ( عده ) بضم العين وتشديد الدال والإضافة إلى ضمير الخروج ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني : سمع
محمد بن عبد الملك يقرأ بها ، وخرجت على أن الأصل عدته إلا أن التاء سقطت كما في إقام الصلاة وهو سماعي وإلى هذا ذهب الفراء ، والضمير على ما صرح به غير واحد عوض عن التاء المحذوفة ، قيل : ولا تحذف بغير عوض وقد فعلوا مثل ذلك في عدة بالتخفيف بمعنى الوعد كما في قول
زهير :
إن الخليط أجدوا البين فانجردوا وأخلفوك عدى الأمر الذي وعدوا
وقرئ ( عده ) بكسر العين بإضافة وغيرها
ولكن كره الله انبعاثهم أي : خروجهم كما روي عن الضحاك أو نهوضهم للخروج كما قال غير واحد (
فثبطهم ) أي : حبسهم وعوقهم عن ذلك : والاستدراك قيل عما يفهم من مقدم الشرطية فإن انتفاء إرادة الخروج يستلزم انتفاء خروجهم وكراهة الله تعالى انبعاثهم يستلزم تثبطهم عن الخروج فكأنه قيل : ما خرجوا لكن تثبطوا عن الخروج ، فهو استدراك نفي الشيء بإثبات ضده كما يستدرك نفي الإحسان بإثبات الإساءة في قولك : ما أحسن إلي لكن أساء ، والاتفاق في المعنى لا يمنع الوقوع بين طرفي لكن بعد تحقق الاختلاف نفيا وإثباتا في اللفظ ، وبحث فيه بعضهم بأن ( لكن ) تقع بين ضدين أو نقيضين أو مختلفين على قول ووقعت فيما نحن فيه بين متفقين على هذا التقرير فالظاهر أنها للتأكيد كما أثبتوا مجيئها لذلك وفيه نظر : واستظهر بعض المحققين كون الاستدراك من نفس المقدم على نهج ما في الأقيسة الاستثنائية ، والمعنى لو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن ما أرادوه لما أنه تعالى كره انبعاثهم من المفاسد فحبسهم بالجبن والكسل فتثبطوا عنه ولم يستعدوا له .
وقيل اقعدوا مع القاعدين تمثيل لخلق الله تعالى داعية القعود فيهم وإلقائه سبحانه كراهة الخروج في قلوبهم بالأمر بالقعود أو تمثيل لوسوسة الشيطان بذلك فليس هناك قول حقيقة ، ونظير ذلك قوله سبحانه :
فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم أي أماتهم ، ويجوز أن يكون حكاية قول بعضهم لبعض أو إذن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم لهم في القعود، فالقول على حقيقته ، والمراد بالقاعدين الذين شأنهم القعود والجثوم في البيوت كالنساء والصبيان والزمنى أو الرجال الذين يكون لهم عذر يمنعهم عن الخروج ، وفيه على بعض الاحتمالات من الذم ما لا يخفى فتدبر .