أحقا عباد الله أن لست رائيا رفاعة طول الدهر إلا توهما
وعن أنه خرجه على النصب على الظرفية وهو إما خبر مقدم أو ظرف معتمد وزعم أن ذلك مذهب المرزوقي وجوز أن يكون النصب بوعد الله على أنه مفعول له والرفع بحقا على أنه فاعل له وظاهر كلام الكشاف يدل على أن الفعلين العاملين في المصدرين المذكورين هما اللذان يعملان فيما ذكر لا فعلان آخران مثلهما وحينئذ يفوت أمر التأكيد الذي ذكرناه لأن فاعل العامل بالمصدر المؤكد لا بد أن يكون عائدا على ما تقدمه مما أكده وقرئ (حق أنه يبدأ الخلق) وهو كقولك: حق أن زيدا منطلق وقرئ (يبدئ) من أبدأ ولعل المراد من الخلق نحو المكلفين لا ما يعم ذلك والجمادات ويؤيد ذلك ما أخرجه غير واحد عن سيبويه أن معنى الآية يحيي الخلق ثم يميته ثم يحييه مجاهد ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط أي بالعدل وهو حال من فاعل (يجزي) أي متلبسا بالعدل أو متعلق بيجزي أي ليجزيهم بقسطه ويوفيهم [ ص: 67 ] أجورهم وإنما أجمل ذلك إيذانا بأنه لا يفي به الحصر، ويرشح ذلك جعل ذاته الكريمة هي المجازية أو بقسطهم وعدلهم في أمورهم أو بإيمانهم؛ ورجح هذا بأنه أوفق بقوله تعالى: والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون 4 فإن معناه ويجزي الذين كفروا بشراب من ماء حار وقد انتهى حره وعذاب أليم بسبب كفرهم فيظهر التقابل بين سببي جزاء المؤمنين وجزاء الكافرين مع أنه لا وجه لتخصيص العدل بجزاء المؤمنين بل جزاء الآخرين أولى به كما لا يخفى وتكرير الإسناد بجعل الجملة الظرفية خبرا للموصول لتقوية الحكم، والجمع بين صيغتي الماضي والمضارع للدلالة على مواظبتهم على الكفر وتغيير النظم الكريم للمبالغة في استحقاقهم العقاب بجعله حقا مقررا لهم والإيذان بأن التعذيب بمعزل عن الانتظام في سلك العلة الغائية للإعادة بناء على تعلق ليجزي بها أولها وللبدء بناء على تعلقه بهما على التنازع وإنما المنتظم في ذلك السلك هو الإثابة فهي المقصودة بالذات والعقاب واقع بالعرض