أن لا تعبدوا إلا الله أي بأن لا تعبدوا إلا الله على أن (أن) مصدرية والياء متعلقة بأرسلنا- و (لا) ناهية أي أرسلناه ملتبسا بنهيهم عن الإشراك إلا أنه وسط بينهما بيان بعض أوصافه ليكون أدخل في القبول، ولم يقل ذلك في صدر السورة لئلا يكون من قبيل الفصل بين الشجر ولحائه، وجوز كون (أن) وما بعدها في تأويل مصدر مفعولا –ل مبين- أي مبينا النهي عن الإشراك، ويجوز أن تكون (أن) مفسرة متعلقة بأرسلنا أو بنذير أو بمبين- أي أرسلناه بشيء أو نذير بشيء، أو مبين شيئا هو
أن لا تعبدوا إلا الله لكن قيل: الإنذار في هذا غير ظاهر، وهذا على قراءة الكسر فيما مر، وأما على قراءة الفتح فإن (لا) إلخ. بدل من ( إني لكم ) إلخ.. ويقدر القول بعد (أن) فيكون التقدير أرسلناه بقوله: ( إني لكم نذير ) وبقوله (لا تعبدوا) فهو بدل البعض أو الكل على المبالغة، وادعاء (أن) الإنذار كله هو، وجاز أن لا يقدر القول، فالأظهر حينئذ بدل الاشتمال، ومن زعم أنه كذلك مطلقا إذ لا علاقة بينهما بجزئية أو كلية فقد غفل عن أنه على تقدير القول يكون قوله تعالى:
إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم المعلل به النهي من جملة المقول وهو إنذار خاص فيكون ذلك بعضا له أو كلا على الادعاء، والظاهر أن المراد باليوم يوم القيامة وجوز أن يكون يوم الطوفان، ووصفه بالأليم أي المؤلم على الإسناد المجازي؛ لأن المؤلم هو الله سبحانه نزل الظرف منزلة الفاعل نفسه لكثرة وقوع الفعل فيه، فجعل كأنه وقع الفعل منه وكذا وصف العذاب بذلك في غير موضع من القرآن العظيم، ويمكن اعتباره هنا أيضا، وجعل الجر للجوار ووجه التجوز حينئذ أنه جعل وصف الشيء لقوة تلبسه به كأنه عينه فأسند إليه ما يسند إلى الفاعل، ونظير ذلك على الوجهين نهاره صائم وجد جده، وقد يقال: إن وصف العذاب بالإيلام حقيقة عرفية ومثله يعد فاعلا في اللغة، فيقال: آلمه العذاب من غير تجوز قيل: وهذه المقالة -وكذا ما في معناها- مما قص في غير آية لما لم تصدر عنه عليه السلام مرة واحدة بل كان يكررها في مدته المتطاولة حسبما نطق به قوله تعالى حكاية عنه:
رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا الآيات، عطف على فعل الإرسال المقارن لها أو القول المقدر بعده جوابهم المعترض لأحوال المؤمنين الذين اتبعوه بعد اللتيا والتي بالفاء التعقيبية فقال سبحانه: