صفحة جزء
قالوا يا أبانا خاطبوه عليه السلام بذلك تحريكا لسلسلة النسب وتذكيرا لرابطة الأخوة ليتسببوا بذلك استنزاله عن رأيه في حفظه منهم لما أحس بحسدهم فكأنهم قالوا: ما لك أي أي شيء لك لا تأمنا لا تجعلنا أمناء على يوسف مع أنك أبونا ونحن بنوك وهو أخونا وإنا له لناصحون مريدون له الخير ومشفقون عليه ليس فينا ما يخل بذلك، وجملة لا تأمنا في موضع الحال، وكذا جملة وإنا له لناصحون والاستفهام –بما لك- فيه معنى التعجب، والكلام ظاهر في أنه تقدم منهم سؤال أن يخرج عليه السلام معهم فلم يرض أبوهم بذلك.

وقرأ الجمهور لا تأمنا بالإدغام والإشمام، وفسر بضم الشفتين مع انفراج بينهما إشارة إلى الحركة مع الإدغام الصريح كما يكون في الوقف وهو المعروف عندهم وفيه عسر هنا، ويطلق على إشراب الكسرة شيئا من الضمة كما قالوا في قيل، وعلى إشمام أحد حرفين شيئا من حرف آخر كما قالوا في الصراط، وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما، وأبو جعفر والزهري وعمرو بن عبيد بالإدغام من غير إشمام، وإرادة النفي ظاهرة، وقرأ ابن هرمز بضم الميم مع الإدغام، وهذه الضمة منقولة إلى الميم من النون الأولى بعد سلب حركتها.

وقرأ أبي والحسن، وطلحة بن مصرف، والأعمش: لا تأمننا- بالإظهار وضم النون على الأصل، وهو خلاف خط المصحف لأنه بنون واحدة، وقرأ ابن وثاب، وأبو رزين -لا تيمنا- بكسر حرف المضارعة على لغة تميم؛ وسهل الهمزة بعد الكسرة ابن وثاب، ولم يسهل أبو رزين.

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن عاصم أنه قرأ بذلك بمحضر عبيد بن فضلة فقال له: لحنت، فقال أبو رزين: ما لحن من قرأ بلغة قومه

التالي السابق


الخدمات العلمية