ألا لا أرى ذا (إمة) أصبحت به فتتركه الأيام وهي كما هي
وقال المراد بعد نعمة أنعم الله تعالى بها على ابن عطية: يوسف عليه السلام وهي تقريب إطلاقه ولا يخفى بعده، وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهم –وأمة- وأمه بفتح الهمزة والميم المخففة وهاء منونة من أمه يأمه أمها إذا نسي، وجاء في المصدر –أمه- بسكون الميم أيضا، فقد روي عن وزيد بن علي مجاهد وعكرمة وشبيل بن عزرة الضبعي أنهم قرأوا بذلك ولا عبرة بمن أنكر، والجملة اعتراض بين القول والمقول، وجوز أن تكون حالا من الموصول أو من ضميره في الصلة، ويحتاج ذلك إلى تقدير قد على المشهور، وقيل: معطوفة على نجا وليس بشيء -كما قال بعض المحققين- لأن حق كل من الصلة والصفة أن تكون معلومة الانتساب إلى الموصول والموصوف عند المخاطب كما عند المتكلم، ومن هنا قيل: الأوصاف قبل العلم بها أخبار والأخبار بعد العلم بها أوصاف، وأنت تعلم أن تذكره بعد أمة إنما علم بهذه الجملة فلا معنى لنظمه مع نجاته المعلومة من قبل في سلك الصلة أنا أنبئكم بتأويله أي أخبركم بتأويل ذلك الذي خفي أمره بالتلقي ممن عنده علمه لا من تلقاء نفسي ولذلك لم يقل أفتيكم في ذلك، وعقبه بقوله: فأرسلون إلى من عنده علمه، وأراد به يوسف عليه السلام وإنما لم يصرح به حرصا على أن يكون هو المرسل إليه فإنه لو ذكره فلربما أرسلوا غيره، وضمير الجمع إما لأنه أراد الملك وحده لكن خاطبه بذلك على سبيل التعظيم كما هو المعروف في خطاب الملوك، ويؤيده ما روي أنه لما سمع مقالة القوم جثى بين يدي الملك وقال: إن في السجن رجلا عالما يعبر الرؤيا فابعثوني إليه فبعثوه، وكان السجن -على ما روي عن رضي الله تعالى عنهما- في غير مدينة الملك، وقيل: كان فيها، قال ابن عباس ويرسم الناس اليوم سجن أبو حيان يوسف عليه السلام في موضع النيل بينه وبين الفسطاط ثمانية أميال، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.