ولما فتحوا متاعهم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب : المتاع كل ما ينتفع به على وجه وهو في الآية الطعام وقيل : الوعاء وكلاهما متاع وهما متلازمان فإن الطعام كان في الوعاء والمعنى على أنهم لما فتحوا أوعية طعامهم
وجدوا بضاعتهم التي كانوا أعطوها ثمنا للطعام
ردت إليهم أي تفضلا وقد علموا ذلك بما مر من دلالة الحال وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة nindex.php?page=showalam&ids=17340ويحيى بن وثاب nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش [ ص: 12 ] ( ردت ) بكسر الراء وذلك أنه نقلت حركة الدال المدغمة إلى الراء بعد توهم خلوها من الضمة وهي لغة
لبني ضبة كما نقلت
العرب في قيل وبيع وحكى
قطرب النقل في الحرف الصحيح غير المدغم نحو ضرب زيد .
قالوا استئناف بياني كأنه قيل : ماذا قالوا حينئذ فقيل : قالوا لأبيهم ولعله كان حاضرا عند الفتح
يا أبانا ما نبغي إذا فسر البغي بمعنى الطلب كما ذهب إليه جماعة فما يحتمل أن تكون استفهامية منصوبة المحل على أنها مفعول مقدم لنبغي فالمعنى ماذا نطلب وراء ما وصفنا لك من إحسان الملك إلينا وكرمه الداعي إلى امتثال أمره والمراجعة إليه في الحوائج وقد كانوا أخبروه بذلك على ما روي أنهم قالوا له عليه السلام : إنا قدمنا على خير رجل وأنزلنا وأكرمنا كرامة لو كان رجلا من آل
يعقوب ما أكرمنا كرامته وقوله تعالى :
هذه بضاعتنا ردت إلينا جملة مستأنفة موضحة لما دل عليه الإنكار من بلوغ اللطف غايته كأنهم قالوا : كيف لا وهذه بضاعتنا ردها إلينا تفضلا من حيث لا ندري بعد ما من علينا بما يثقل الكواهل من المنن العظام وهل من مزيد على هذا فنطلبه ومرادهم به أن ذلك كاف في استيجاب الامتثال لأمره والالتجاء إليه في استجلاب المزيد ولم يريدوا أنه كاف مطلقا فينبغي التقاعد عن طلب نظائره وهو ظاهر .
وجملة
ردت في موضع الحال من
بضاعتنا بتقدير قد عند من يرى وجوبها في أمثال ذلك والعامل معنى الإشارة وجعلها خبر
هذه و
بضاعتنا بيانا له ليس بشيء وإيثار صيغة البناء للمفعول قيل : للإيذان بكمال الإحسان الناشئ عن كمال الإخفاء المفهوم من كمال غفلتهم عنه بحيث لم يشعروا به ولا بفاعله وقيل : للإيذان بتعين الفاعل وفيه من مدحه أيضا ما فيه وقوله تعالى :
ونمير أهلنا أي نجلب لهم الميرة وهي بكسر الميم وسكون الياء طعام يمتاره الإنسان أي يجلبه من بلد إلى بلد وحاصله نجلب لهم الطعام من عند الملك معطوف على مقدر ينسحب عليه رد البضاعة أي فنستظهر بها ونمير أهلنا
ونحفظ أخانا من المكاره حسبما وعدنا وتفرعه على ما تقدم باعتبار دلالته على إحسان الملك فإنه مما يعين على الحفظ
ونزداد أي بواسطته ولذلك وسط الإخبار به بين الأصل والمزيد
كيل بعير أي وسق بعير زائدا على أوساق أباعرنا على قضية التقسيط المعهود من الملك والبعير في المشهور مقابل الناقة وقد يطلق عليها وتكسر في لغة باؤه ويجمع على أبعرة وبعران وأباعر وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد تفسيره هنا بالحمار وذكر أن بعض
العرب يقول للحمار بعير وهو شاذ .
وقوله تعالى
ذلك كيل أي مكيل
يسير . (65) . أي قليل لا يقوم بأودنا يحتمل أن يكون إشارة إلى ما كيل لهم أولا والجملة استئناف جيء بها للجواب عما عسى أن يقال لهم : قد صدقتم فيما قلتم ولكن ما الحاجة إلى التزام ذلك وقد جئتم بالطعام فكأنهم قالوا : إن ما جئنا به غير كاف لنا فلا بد من الرجوع مرة أخرى وأخذ مثل ذلك مع زيادة ولا يكون ذلك بدون استصحاب أخينا ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما تحمله أباعرهم والجملة استئناف وقع تعليلا لما سبق من الازدياد كأنه قيل : أي حاجة إلى الازدياد فقيل : إن ما تحمله أباعرنا قليل لا يكفينا وقيل : المعنى إن ذلك الكيل الزائد قليل لا يضايقنا فيه الملك أو سهل عليه لا يتعاظمه وكأن الجملة على هذا استئناف جيء به لدفع ما يقال : لعل الملك لا يعطيكم فوق العشرة شيئا
[ ص: 13 ] ويرى ذلك كثيرا أو صعبا عليه وهو كما ترى وجوز أن يكون ذلك إشارة إلى الكيل الذي هم بصدده وتضمنه كلامهم وهو المنضم إليه كيل البعير الحاصل بسبب أخيهم المتعهد بحفظه كأنهم لما ذكروا ما ذكروا وصرحوا بما يفهم منه مبالغة في استنزال أبيهم فقالوا : ذلك الذي نحن بصدده كيل سهل لا مشقة فيه ولا محنة تتبعه وقد يبقى الكيل على معناه المصدري والكلام على هذا الطرز إلا يسيرا .
وجوز بعضهم كون ذلك من كلام
يعقوب عليه السلام والإشارة إلى كيل البعير أي كيل بعير واحد شيء قال لا يخاطر لمثله بالولد وكان الظاهر على هذا ذكره مع كلامه السابق أو اللاحق وقيل : معنى
ما نبغي أي مطلب نطلب من مهماتنا والجمل الواقعة بعده توضيح وبيان لما يشعر به الإنكار من كونهم فائزين ببعض المطالب أو متمكنين من تحصيله فكأنهم قالوا : هذه بضاعتنا حاضرة فنستظهر بها ونمير أهلنا ونحفظ أخانا من المكروه ونزداد بسببه غير ما نكتاله لأنفسنا كيل بعير فأي شيء نبغي وراء هذه المباغي وما ذكرنا من العطف على المقدر هو المشهور وفي الكشف لك أن تقول : إن ( نمير ) وما تلاه معطوف على مجموع
ما نبغي والمعنى اجتماع هذين القولين منهم في الوجود ولا يحتاج إلى جامع وراء ذلك لكونهما محكيين قولا لهم على أنه حاصل لاشتراك الكل في كونه لاستنزال
يعقوب عليه السلام عن رأيه وأن الملك إذا كان محسنا كان الحفظ أهون شيء والاستفهام لرجوعه إلى النفي لا يمنع العطف ووافقه في ذلك بعضهم .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وأبو حيوة ( ما تبغي ) بتاء الخطاب وروت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها ذلك عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والخطاب
ليعقوب عليه السلام والمعنى أي شيء وراء هذه المباغي المشتملة على سلامة أخينا وسعة ذات أيدينا أو وراء ما فعل الملك من الإحسان داعيا إلى التوجه إليه والجملة المستأنفة موضحة أيضا لذلك أو أي شيء تبغي شاهدا على صدقنا فيما وصفنا لك من إحسانه والجملة المذكورة عبارة عن الشاهد المدلول عليه بفحوى الإنكار ويحتمل أن تكون ( ما ) نافية ومفعول
نبغي محذوف أي ما نبغي شيئا غير ما رأيناه من إحسان الملك في وجوب المراجعة إليه أو ما نبغي غير هذه المباغي والقول بأن المعنى ما نبغي منك بضاعة أخرى نشتري بها ضعيف والجملة المستأنفة على كل تقدير تعليل للنفي وأما إذا فسر البغي بمجاوزة الحد فما نافية فقط والمعنى ما نبغي في القول ولا نكذب فيما وصفنا لك من إحسان الملك إلينا وكرمه الموجب لما ذكر والجملة المستأنفة لبيان ما ادعوا من عدم البغي وقوله :
ونمير .. إلخ عطف على
ما نبغي أي لا نبغي فيما نقول ونمير ونفعل كيت وكيت فاجتمع أسباب الإذن في الإرسال والأول كالتمهيد والمقدمة للبواقي والتناسب من هذا الوجه لأن الكل متشاركة في أن المطلوب يتوقف عليها بوجه ما على أنه لو لم يكن غير الاجتماع في المقولية لكفى على ما مر آنفا عن الكشف .
وجوز كونه كلاما ما مبتدأ أي جملة تذييلية اعتراضية كقولك : فلان ينطق بالحق والحق أبلج كأنه قيل : وينبغي أن نمير ووجه التأكيد الذي يقتضيه التذييل أن المعنى أن الملك محسن ونحن محتاجون ففيم التوقف في الإرسال وقد تأكد موجباه وقال العلامة الطيبي : إنما صح التأكيد والتذييل لأن الكلام في الامتيار وكل من الجمل بمعناه أو المعنى
ما نبغي في الرأي وما نعدل عن الصواب فيما نشير به عليك من إرسال
[ ص: 14 ] أخينا معنا والجمل كلها للبيان أيضا إلا أن ثم محذوفا ينساق إليه الكلام أي بضاعتنا حاضرة نستظهر بها ونمير أهلنا ونصنع كيت وذيت وهو على ما قيل : وجه واضح حسن يلائم ما كانوا فيه مع أبيهم فتأمل هذا وقرأت عائشة وأبو عبد الرحمن السلمي
ونمير بضم النون وقد جاء مار عياله وأمارهم بمعنى كما في القاموس .