قال أي أبوهم عليه السلام وهو استئناف مبني على سؤال نشأ مما سبق فكأنه قيل : فماذا كان عند قول ذلك القائل للإخوة ما قال فقيل : قال أبوهم عندما رجعوا إليه فقالوا له ما قالوا :
بل سولت لكم أنفسكم أمرا وإنما حذف للإيذان بأن مسارعتهم إلى قبول كلام ذلك القائل ورجوعهم به إلى أبيهم أمر مسلم غني عن البيان وإنما المحتاج إليه جوابه يروى أنهم لما عزموا على الرجوع إلى أبيهم قال لهم
يوسف عليه السلام : إذا أتيتم أباكم فاقرؤوا عليه السلام وقولوا له : إن ملك
مصر يدعو لك أن لا تموت حتى ترى ولدك
يوسف ليعلم أن في أرض
مصر صديقين مثله فساروا حتى وصلوا إليه فأخبروه بجميع ما كان فبكى وقال ما قال ( وبل ) للأضراب
[ ص: 39 ] وهو على ما قيل إضراب لا عن صريح كلامهم فإنهم صادقون فيه بل عما يتضمنه من ادعاء البراءة عن التسبب فيما نزل به وإنه لم يصدر عنهم ما أدى إلى ذلك من قول أو فعل كأنه لم يكن الأمر كذلك بل زينت وسهلت لكم أنفسكم أمرا من الأمور فأتيتموه يريد بذلك فتياهم بأخذ السارق بسرقته وليس ذلك من دين الملك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان إن هنا كلاما محذوفا وقع الإضراب عنه والتقدير ليس حقيقة كما أخبرتم بل سولت .. إلخ وهو عند
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية وادعى أنه الظاهر على حد ما قال في قصة
يوسف عليه السلام ظن سوءا بهم خلا أنه عليه السلام صدق ظنه هناك ولم يتحقق هنا وذكر
ابن المنير في توجيه هذا القول ها هنا مع أنهم لم يعتمدوا في حق
بنيامين سوءا ولا أخبروا أباهم إلا بالواقع على جليته وما تركوه
بمصر إلا مغلوبين عن استصحابه إنهم كانوا عند أبيهم عليه السلام حينئذ متهمين وهم قمن باتهامه لما أسلفوه في حق
يوسف عليه السلام وقامت عنده قرينة تؤكد التهمة وتقويها وهو أخذ الملك له في السرقة ولم يكن ذلك إلا من دينه لا من دينه ولا من دين غيره من الناس فظن أنهم الذين أفتوه بذلك بعد ظهور السرقة التي ذكروها تعمدا ليتخلف دونهم واتهام من هو بحيث يتطرق إليه التهمة لا جرح فيه لا سيما فيما يرجع إلى الوالد مع الولد ثم قال : ويحتمل أن يكون الوجه الذي سوغ له هذا القول في حقهم أنهم جعلوا مجرد وجود الصواع في رحل من يوجد في رحله سرقة من غير أن يحيلوا الحكم على ثبوت كونه سارقا بوجه معلوم وهذا في شرعنا لا يثبت السرقة على من ادعيت عليه فإن كان في شرعهم أيضا كذلك ففي عدم تحرير الفتوى إشعار بأنهم كانوا حراصا على أخذه وهو من التسويل وإن اقتضى ذلك في شرعهم فالعمدة على الجواب الأول هذا والتنوين في
أمرا للتعظيم أي أمرا عظيما
فصبر جميل أي فأمري ذلك أو فصبر جميل أجمل وقد تقدم تمام الكلام فيه فتذكر .
عسى الله أن يأتيني بهم جميعا بيوسف وأخيه
بنيامين والمتوقف
بمصر إنه هو العليم بحالي وحالهم
الحكيم . (83) . الذي يبتلي ويرفع البلاء حسب الحكمة البالغة قيل : إنما ترجى عليه السلام للرؤيا التي رآها
يوسف عليه السلام فكان ينتظرها ويحسن ظنه بالله تعالى لا سيما بعد أن بلغ الشظاظ الوركين وجاوز الحزام الطبيين فإنه قد جرت سنته تعالى أن الشدة إذا تناهت يجعل وراءها فرجا عظيما وانضم إلى ذلك ما أخبر به عن ملك
مصر أنه يدعو أن لا يموت حتى يرى ولده