ويستعجلونك بالسيئة بالعقوبة التي هددوا بها على الإصرار على الكفر استهزاء وتكذيبا
قبل الحسنة أي العافية والسلامة منها والمراد بكونها قبلها أن سؤالها قبل سؤالها أو أن سؤالها قبل انقضاء الزمان المقدر لها وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أنه قال في الآية : هؤلاء مشركو
العرب استعجلوا بالشر قبل الخير فقالوا :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم .
وقد خلت من قبلهم المثلات جمع مثلة كسمرة وسمرات وهي العقوبة الفاضحة وفسرها
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بالعقوبة المستأصلة للعضو كقطع الأذن ونحوه سميت بها لما بين العقاب والمعاقب به من المماثلة كقوله تعالى :
وجزاء سيئة سيئة مثلها أو هي مأخوذة من المثال بمعنى القصاص يقال : أمثلت الرجل من صاحبه وأقصصته بمعنى واحد أو هي من المثل المضروب لعظمها .
والجملة في موضع الحال لبيان ركاكة رأيهم في الاستعجال بطريق الاستهزاء أي يستعجلونك بذلك مستهزئين بإنذارك منكرين لوقوع ما أنذرتهم إياه والحال أنه قد مضت العقوبات الفاضحة النازلة على أمثالهم من المكذبين المستهزئين وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ( المثلات ) بفتح الميم والثاء
وعيسى بن عمرو في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر بضمهما وهو لغة أصلية ويحتمل أنه أتبع فيه العين للفاء
nindex.php?page=showalam&ids=17340وابن وثاب بضم الميم وسكون الثاء وهي لغة
تميم وابن مصرف بفتح الميم وسكون الثاء وهي لغة الحجازيين
وإن ربك لذو مغفرة عظيمة
للناس على ظلمهم أنفسهم بالذنوب والمعاصي والجار والمجرور في موضع الحال من الناس والعامل فيها هو العامل في صاحبها وهو مغفرة أي أنه تعالى لغفور للناس مع كونهم ظالمين : قيل : وهذه الآية ظاهرة في مذهب أهل السنة وهو جواز مغفرة الكبائر والصغائر بدون توبة لأنه سبحانه ذكر المغفرة مع الظلم أي الذنب ولا يكون معه إلا قبل التوبة لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له وأول ذلك
المعتزلة بأن المراد مغفرة الصغائر لمجتنب الكبائر أو مغفرتها لمن تاب أو المراد بالمغفرة معناها اللغوي وهو الستر بالإمهال وتأخير العقاب إلى الآخرة كأنه قيل : إنه تعالى لا يعجل للناس العقوبة وإن كانوا ظالمين بل يستر عليهم بتأخيرها واعترض التأويل بالتخصيص بأنه تخصيص للعام من غير دليل وأجيب بأن الكفر قد خص بالإجماع فيسري التخصيص إلى ذلك وتعقب الأخير بأنه في غاية البعد لأنه كما قال
الإمام لا يسمى مثله مغفرة وإلا لصح أن يقال : الكفار مغفورون ورد بأن المغفرة حقيقتها في اللغة الستر وكونهم مغفورين بمعنى
[ ص: 107 ] مؤخر عذابهم إلى الآخرة لا محذور فيه وهو المناسب لاستعجالهم العذاب وأجيب بأن المراد أن ذلك مخالف للظاهر ولاستعمال القرآن وذكر العلامة
الطيبي أنه يجب تأويل الآية بأحد الأوجه الثلاثة لأنها بظاهرها كالحث على الظلم لأنه سبحانه وعد المغفرة البالغة مع وجود الظلم وتعقب ذلك في الكشف فقال : فيه نظر لأن الأسلوب يدل على أنه تعالى بليغ المغفرة لهم مع استحقاقهم لخلافها لتلبسهم بما العقاب أولى بهم عنده والظاهر أن التأويل بناء على مذهب الاعتزال وأما على مذهب أهل السنة فإنما يؤول لو عم الظلم الكفر ثم قال : والتأويل بالستر والإمهال أحسن فيكون قوله تعالى :
وإن ربك لشديد العقاب . (6) . لتحقيق الوعيد بهم وإن كانوا تحت ستره وإمهاله ففيه إشارة إلى أن ذلك إمهال لا إهمال والمراد بالناس إما المعهودون وهم المستعجلون المذكورون قبل أو الجنس دلالة على كثرة الهالكين لتناولهم وأضرابهم وهذا جار على المذهبين وكذا اختار
الطيبي هذا التأويل وقال هو الوجه والآية على وزان قوله تعالى :
قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما على ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في تفسيره وأنت قد سمعت ما له وما عليه فتدبر واختار غير واحد إرادة الجنس من الناس وهو مراد أيضا في ( شديد العقاب ) .
والتخصيص بالكفار غير مختار ويؤيد ذلك ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=11868وأبو الشيخ عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال :
لما نزلت هذه الآية وإن ربك .. إلخ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا عفو الله تعالى وتجاوزه ما هنأ أحد العيش ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد