وسكنتم من السكنى بمعنى التبوؤ والاستيطان وهو بهذا المعنى مما يتعدى بنفسه تقول سكنت الدار واستوطنتها إلا أنه عدي هنا بفي حيث قيل :
في مساكن الذين ظلموا أنفسهم جريا على أصل معناه فإنه منقول عن سكن بمعنى قر وثبت وحق ذلك التعدية بفي وجوز أن يكون المعنى وقررتم في مساكنهم مطمئنين سائرين سيرتهم في الظلم بالكفر والمعاصي غير محدثين أنفسكم بما لقوا بسبب ما اجترحوا من الموبقات وفي إيقاع الظلم على أنفسهم بعد إطلاقه فيما سلف إيذان بأن غائلة الظلم آيلة إلى صاحبه والمراد بهم كما قال بعض المحققين إما جميع من تقدم من الأمم المهلكة على تقدير اختصاص الاستمهال والخطاب السابق بالمنذرين وإما أوائلهم من قوم
نوح وهود على تقدير عمومها للكل وهذا الخطاب وما يتلوه باعتبار حال أواخرهم .
وتبين لكم أي ظهر لكم على أتم وجه بمعاينة الآثار وتواتر الأخبار
كيف فعلنا بهم من الإهلاك والعقوبة بما فعلوا من الظلم والفساد وفاعل ( تبين ) مضمر يعود على ما دل عليه الكلام أي فعلنا العجب بهم أو حالهم أو خبرهم أو نحو ذلك و
كيف في محل النصب بفعلنا وجملة الاستفهام ليست معمولة لتبين لأنه لا يعلق وقيل : الجملة فاعل ( تبين ) بناء على جواز كونه جملة وهو قول ضعيف للكوفيين .
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان إلى ما ذهب إليه الجماعة ثم ذكر أنه لا يجوز أن يكون الفاعل
كيف لأنه لا يعمل فيها ما قبلها إلا فيما شذ من قولهم : على كيف تبيع الأحمرين وقولهم : انظر إلي كيف تصنع وقرأ
السلمي فيما حكاه عنه
أبو عمرو الداني ( ونبين ) بنون العظمة ورفع الفعل وحكى ذلك أيضا صاحب اللوامح عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنه قرأ بنون العظمة إلا أنه جزم الفعل عطفا على تكونوا أي أولم نبين لكم
وضربنا لكم أي في القرآن العظيم على تقدير اختصاص الخطاب بالمنذرين أو على ألسنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على تقدير عمومه لجميع الظالمين
[ ص: 250 ] الأمثال . (45) أي صفات ما فعلوا وما فعل بهم من الأمور التي هي في الغرابة كالأمثال المضروبة لتعتبروا وتقيسوا أعمالكم على أعمالهم وما لكم على ما لهم وتنتقلوا من حلول العذاب العاجل إلى العذاب الآجل فتردعوا عما كنتم فيه من الكفر والمعاصي وجوز أن يراد من الأمثال ما هو جمع مثل بمعنى الشبيه أي بينا لكم أنهم مثلهم في الكفر واستحقاق العذاب : وروي هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد والجمل الثلاث في موقع الحال من ضمير
أقسمتم أي أقسمتم أن ليس لكم زوال والحال أنكم سكنتم في مساكن المهلكين بظلمهم وتبين لكم فعلنا العجيب بهم ونبهناكم على جلية الحال بضرب الأمثال