وأرسلنا الرياح لواقح عطف على (جعلنا لكم فيها معايش) وما بينهما اعتراض لتحقيق ما سبق وترشيح ما لحق، واللواقح جمع
[ ص: 31 ] لاقح بمعنى حامل يقال: ناقة لاقح أي حامل، ووصف الرياح بذلك على التشبيه البليغ، شبهت الريح التي بالسحاب الماطر بالناقة الحامل لأنها حاملة لذلك السحاب أو للماء الذي فيه، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : إنها جمع لاقح على النسب كلابن وتامر أي ذات لقاح وحمل، وذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب ، ويقال لضدها ريح عقيم، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة :
لواقح أي ملاقح جمع ملقحة كالطوائح في قوله:
لبيك يزيد ضارع لخصومة ومختبط مما تطيح الطوائح
أي المطاوح جمع مطيحة، وهو من ألقح الفحل الناقة إذا ألقى ماءه فيها لتحمل، والمراد ملقحات للسحاب أو الشجر فيكون قد استعير اللقح لصب المطر في السحاب أو الشجر، وإسناده إليها على الأول حقيقة وعلى الثاني مجاز إذ الملقى في الشجر السحاب لا الريح والرياح اللواقح هي ريح الجنوب كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة مرفوعا، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16138الديلمي بسند ضعيف عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة نحوه، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير قال: يبعث الله تعالى المبشرة فتقم الأرض قما ثم يبعث المثيرة فتثير السحاب فتجعله كسفا ثم يبعث المؤلفة فتؤلف بينه فيجعله ركاما ثم يبعث اللواقح فتلقحه فيمطر.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة «وأرسلنا الريح» بالإفراد على تأويل الجنس فتكون في معنى الجمع فلذا صح جعل
لواقح حالا منها وذلك كقولهم: أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض، ولا تخالف هذه القراءة ما قالوه في حديث «
nindex.php?page=hadith&LINKID=943747اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا » من أن الرياح تستعمل للخير والريح للشر لما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14589الشهاب من أن ذلك ليس من الوضع وإنما هو من الاستعمال وهو أمر أغلبي لا كلي فقد استعملت الريح في الخير أيضا نحو قوله تعالى:
وجرين بهم بريح طيبة أو هو محمول على الإطلاق بأن لا يكون معه قرينة كالصفة والحال، وأما كون المراد بالخير الدعاء بطول العمر ليرى رياحا كثيرة فلا وجه له.
فأنزلنا من السماء بعد ما أنشأنا بتلك الرياح سحابا ماطرا ماء
فأسقيناكموه جعلناه لكم سقيا تسقون به مزارعكم ومواشيكم وهو على ما قيل أبلغ من سقيناكم لما فيه من الدلالة على جعل الماء معدا لهم ينتفعون به متى شاؤوا، وقد فرق بين أسقى وسقى غير واحد فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=13696الأزهري: العرب تقول لكل ما كان من بطون الأنعام أو من السماء أو من نهر جار أسقيته أي جعلت شربا له وجعلت له منه مسقى فإذا كان للشفة قالوا سقى ولم يقولوا أسقى، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي : يقال سقيته حتى روي وأسقيته نهرا جعلته شربا له، وربما استعملوا سقى بلا همزة كأسقى كما في قول
لبيد يصف سحابا:
أقول وصوته مني بعيد يحط اللث من قلل الجبال
سقى قومي بني نجد وأسقى نميرا والقبائل من هلال
فإنه لا يريد بسقى قومي ما يروي عطاشهم ولكن يريد رزقهم سقيا لبلادهم يخصبون بها وبعيد أن يسأل لقومه ما يروي ولغيرهم ما يخصبون به، ولا يرد على قول
nindex.php?page=showalam&ids=13696الأزهري أنه لا يقال أسقى في سقيا الشفة قول
ذي الرمة: وأسقيه حتى كاد مما أبثه يكلمني أحجاره وملاعبه
قال الإمام: لأنه أراد بأسقيه أدعو له بالسقيا ولا يقال في ذلك كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد سوى أسقى، هذا وقد جاء الضمير هنا متصلا بعد ضمير منصوب متصل أعرف منه ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه في مثل ذلك وجوب الاتصال.
وما أنتم له بخازنين نفى سبحانه عنهم ما أثبته لجنابه بقوله جل جلاله:
وإن من شيء إلا عندنا خزائنه كأنه
[ ص: 32 ] قيل: نحن القادرون على إيجاده وخزنه في السحاب وإنزاله، وما أنتم على ذلك بقادرين، وقيل: المراد نفي حفظه أي وما أنتم له بحافظين في مجاريه عن أن يغور فلا تنتفعون به وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان أن المعنى وما أنتم له بمانعين لإنزاله من السماء