قال استئناف على نحو ما تقدم
لم أكن لأسجد اللام لتأكيد النفي أي ينافي حالي ولا يستقيم مني أن أسجد
لبشر جسماني كثيف
خلقته من صلصال من حمإ مسنون إشارة إجمالية إلى ادعاء خيريته وشرف مادته، وقد نقل عنه لعنه الله تعالى التصريح بذلك في آية أخرى، وقد عنى اللعين بهذا الوصف بيان مزيد خسة أصل من لم يسجد له وحاشاه وقد اكتفى في غير موضع بحكاية بعض ما زعمه موجبا للخسة، وفي عدوله عن تطبيق جوابه على السؤال روم للتفصي عن المناقشة وأنى له ذلك كأنه قيل: لم أمتنع عن الانتظام في سلك الساجدين بل عما لا يليق بشأني من السجود للمفضول، وقد أخطأ اللعين حيث ظن أن الفضل كله باعتبار المادة وما درى أنه يكون باعتبار الفاعل وباعتبار الصورة وباعتبار الغاية بل إن ملاك الفضل والكمال هو التخلي عن الملكات الردية والتحلي بالمعارف الربانية:
فشمال والكأس فيها يمين ويمين لا كاس فيها شمال
ولله تعالى در من قال:
كن ابن من شئت واكتسب أدبا يغنيك مضمونه عن النسب
إن الفتى من يقول ها أنا ذا ليس الفتى من يقول كان أبي
على أن فيما زعمه من فضل النار على التراب منعا ظاهرا وقد تقدم الكلام في ذلك.