وتحمل أثقالكم أي أحمالكم الثقيلة جمع ثقل، وقيل أجسامكم كما قيل في قوله تعالى:
وأخرجت الأرض أثقالها حيث فسرت الأثقال فيه بأجسام بني آدم.
[ ص: 100 ] إلى بلد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه
اليمن والشام ومصر وكأنه نظر إلى أنها متاجر أهل
مكة كما يؤذن به ما في تفسير
الخازن عنه رضي الله تعالى عنه من أنه قال: يريد من
مكة إلى
اليمن وإلى
الشام، وفي رواية أخرى عنه وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة أنه
مكة وكأنهم نظروا إلى أن أثقالهم وأحمالهم عند القفول من متاجرهم أكثر وحاجتهم إلى الحمولة أمس، والظاهر أنه عام لكل بلد سحيق وإلى ذلك ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان ، وجعل ما ورد من التعيين كالمذكور وكالذي نقله عن بعضهم من أنها مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم محمولا على التمثيل لا على أن المراد ذلك المعين دون غيره
لم تكونوا بالغيه واصلين إليه بأنفسكم مجردين عن الإقفال فضلا عن أن تحملوا على ظهوركم أثقالكم لو لم تكن الأنعام ولم تخلق
إلا بشق الأنفس أي مشقتها وتعبها، وقيل: المعنى لم تكونوا بالغيه بها إلا بما ذكر وحذف بها لأن المسافر لا بد له من الأثقال، والمراد التنبيه على بعد البلد وأنه مع الاستعانة بها بحمل الأثقال لا تصلون إليه إلا بالمشقة، ولا يخفى أن الأول أبلغ. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر وعمرو بن معين وابن أرقم «بشق» بفتح الشين وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع وأبي عمرو وكلا ذلك لغة، والمعنى ما تقدم، وقيل: الشق بالفتح المصدر وبالكسر الاسم يعني المشقة وعلى الكسر بهذا المعنى جاء قوله:
وذي إبل يسعى ويحسبها له أخي نصب من شقها ودؤوب
فإنه أراد من مشقتها، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء أن المفتوح مصدر من شق الأمر عليه شقا وحقيقته راجعة إلى الشق الذي هو الصدع والمكسور النصف يقال: أخذت شق الشاة أي نصفها،
وجاء: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=651328اتقوا النار ولو بشق تمرة »
والمعنى إلا بذهاب نصف الأنفس كأن الأنفس تذوب تعبا ونصبا لما ينالها من المشقة كما يقال لا تقدر على كذا إلا بذهاب جل نفسك أو قطعة من كبدك وهو من المجاز، وجوز بعضهم أن يكون على تقدير مضاف أي إلا بشق قوى الأنفس، والاستثناء مفرغ أي لم تكونوا
بالغيه بشيء من الأشياء إلا بشق الأنفس، وجعل
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء الجار والمجرور في موضع الحال من الضمير المرفوع في بالغيه أي مشقوقا عليكم وضمير ( تحمل ) للأنعام إلا أن الحمل المذكور باعتبار بعض أنواعها وهي الإبل ومثله كثير، ومن هنا يظهر ضعف استدلال بعضهم بهذا الإسناد على أن المراد بالأنعام فيما مر الإبل فقط، وتغيير النظم الكريم السابق الدال على كون الأنعام مدارا للنعم إلى الفعلية المفيدة للحدوث قيل: لعله للإشعار بأن هذه النعمة ليست في العموم بحسب المنشأ وبحسب المتعلق وفي الشمول للأوقات والاطراد في الأحيان المعهودة بمثابة النعم السالفة فإنها بحسب المنشأ خاصة كما سمعت بالإبل وبحسب المتعلق بالمتقلبين في الأرض للتجارة وغيرها في أحايين غير مطردة، وأما سائر النعم المعدودة فموجودة في جميع الأصناف وعامة لكافة المخاطبين دائما وفي عامة الأوقات اهـ. واحتج كما قال
الإمام منكرو
كرامات الأولياء بهذه الآية لأنها تدل على أن الإنسان لا يمكنه الانتقال من بلد إلى آخر إلا بشق الأنفس وحمل الأثقال على الجمال. ومثبتو الكرامات يقولون: إن الأولياء قد ينتقلون من بلد إلى آخر بعيد في زمان قليل من غير تعب وتحمل مشقة فكان ذلك على خلاف الآية فيكون باطلا وإذا بطلت في هذه الصورة بطلت في الجميع إذ لا قائل بالفرق.
وأجاب بأنا نخصص عموم الآية بالأدلة الدالة على وقوع الكرامات اهـ. ولعل القائلين بعدم ثبوت طي المسافة للأولياء يستندون إلى هذه الآية لكن هؤلاء لا ينفون الكرامات مطلقا فلا يصح قوله إذ لا قائل بالفرق، ومن أنصف علم أن الاستدلال بها على هذا المطلب مما لا يكاد يلتفت إليه بناء على أنها مسوقة للامتنان ويكفي فيه
[ ص: 101 ] وجود هذا في أكثر الأحايين لأكثر الناس فافهم
إن ربكم لرءوف رحيم ولذلك أسبغ عليكم النعم الجليلة ويسر لكم الأمور الشاقة العسيرة