وما ذرأ أي خلق ومنه الذرية على قول والعطف عند بعض على ( النجوم ) رفعا ونصبا على أنه مفعول- لـ جعل- وما موصولة أي والذي ذرأه
لكم في الأرض من حيوان ونبات، وقيل: من المعادن ولا بأس في التعميم فيما أرى حال كونه
مختلفا ألوانه أي أصنافه كما قال جمع من المفسرين وهو مجاز معروف في ذلك، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب :
الألوان يعبر بها عن الأجناس والأنواع يقال: فلان أتى بألوان من الحديث والطعام وكان ذلك لما أن اختلافها غالبا يكون باختلاف اللون، وقيل: المراد المعنى الحقيقي أي مختلفا ألوانه
[ ص: 111 ] من البياض والسواد وغيرهما والأول أبلغ أي ذلك مسخر لله تعالى أو لما خلق له من الخواص والأحوال والكيفيات أو جعل ذلك مختلف الألوان والأصناف لتتمتعوا بأي صنف شئتم منه، وذهب بعضهم إلى أن الموصول معطوف على الليل وقيل عليه: إن في ذلك شبه التكرار بناء على أن اللام في ( لكم ) للنفع وقد فسر ( سخر لكم ) لنفعكم فمآل المعنى نفعكم بما خلق لنفعكم فالأولى جعله في محل نصب بفعل محذوف أي خلق أو أنبت كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء ويجعل ( مختلفا ) حالا من مفعوله واعتذر بأن الخلق للإنسان لا يستلزم التسخير لزوما عقليا، فإن الغرض قد يتخلف مع أن الإعادة لطول العهد لا تنكر. ورد بأنه غفلة عن كون المعنى نفعكم وما ذكر علاوة مبني على كون ( لكم ) متعلقة- بـ سخر- أيضا وهي عند ذلك الذاهب متعلقة كما هو الظاهر بـ ذرأ وفي الحواشي الشهابية أن هذا ليس بشيء لأن التكرار لما ذكر وللتأكيد أمر سهل، وكون المعنى نفعكم لا يأباه مع أن هذه الآية سيقت كالفذلكة لما قبلها ولذا ختمت بالتذكر، وليس لمن يميز بين الشمال واليمين أن يقول: ما مبتدأ (ومختلفا) حال من ضميره المحذوف، وجملة قوله تعالى:
إن في ذلك لآية لقوم يذكرون خبره والرابط اسم الإشارة على حد ما قيل في قوله تعالى:
ولباس التقوى ذلك خير [الأعراف: 26] كأنه قيل، وما ذرأه لكم في الأرض إن فيه لآية، وحاصله تعالى أن فيما ذرأ لآية لظهور مخالفة الآية عليه السباق والسياق بل عدم لياقته لأن يكون محملا لكلام الله تعالى الجليل أظهر من أن ينبه عليه، «و» ألوانه، على ألوان الاحتمالات مرفوع بمختلفا وقدر بعضهم ليصح رفعه به موصوفا وقال: أي صنفا مختلفا ألوانه وهو مما لا حاجة إليه كما يخفى على من له أدنى تدرب في علم النحو، ثم إن المشار إليه ما ذكر من التسخير ونحوه، وقيل: اختلاف الألوان وتنوين آية للتفخيم آية فخيمة بينة الدلالة على أن من هذا شأنه واحد لا ينبغي أن يشبهه شيء في شيء وختم الآية بالتذكر إما لما في الحواشي الشهابية من أنها كالفذلكة لما قبلها وإما للإشارة إلى أن الأمر ظاهر جدا غير محتاج إلا إلى تذكر ما عسى يغفل عنه من العلوم الضرورية، وقال بعضهم: يذكرون أن اختلاف طبائع ما ذكر وهيئاته وأشكاله مع اتحاد مادته يدل على الفاعل الحكيم المختار، وهو ظاهر في أن ما ذكر دليل على إثبات وجود الصانع كما أنه دليل على وحدانيته وهو الذي ذهب إليه الإمام واقتدى به غيره، ولم يرتضه شيخ الإسلام بناء على أن الخصم لا ينازع في الوجود وإنما ينازع في الوحدانية فجيء بما هو مسلم عنده من صفات الكمال للاستدلال به على ما يقتضيه ضرورة من وحدانيته تعالى واستحالة أن يشاركه شيء في الألوهية، وقال بعضهم: لا مانع من أن يكون المراد الاستدلال بما ذكر من الآيات على مجموع الوجود والوحدانية والخصم ينكر ذلك وإن لم ينكر الوجود وكان في أخذ الوجود في المطلوب إشارة إلى أن القول به مع زعم الشركة في الألوهية مما لا يعتد به وليس بينه وبين عدم القول به كثير نفع فتدبر ذاك والله تعالى يتولى هداك