يعرفون نعمت الله استئناف لبيان أن تولي المشركين وإعراضهم عن الإسلام ليس لعدم معرفتهم نعمة الله سبحانه أصلا فإنهم يعرفونها أنها من الله تعالى
ثم ينكرونها بأفعالهم حيث لم يفردوا منعمها بالعبادة فكأنهم لم يعبدوه سبحانه أصلا وذلك كفران منزل منزلة الإنكار.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أنه قال: إنكارهم إياها قولهم: ورثناها من آبائنا، وأخرج هو وغيره أيضا عن عون بن عبد الله أنه قال: إنكارهم إياها أن يقول الرجل: لولا فلان أصابني كذا وكذا ولولا فلان لم أصب كذا وكذا وفي لفظ إنكارها إضافتها إلى الأسباب. وقيل: قولهم هي بشفاعة آلهتهم عند الله تعالى، وحكى صاحب الغنيان يعرفونها في الشدة ثم ينكرونها في الرخاء، وقيل: يعرفونها بقلوبهم ثم ينكرونها بألسنتهم.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أنه قال النعمة هنا
محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ورجح ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري أي يعرفون أنه عليه الصلاة والسلام نبي بالمعجزات ثم ينكرون ذلك ويجحدونه عنادا، وفي لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم أنه قال هذا في حديث
أبي جهل والأخنس حين سأل
الأخنس أبا جهل عن
محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: هو نبي. ومعنى ( ثم ) الاستبعاد الإنكار بعد المعرفة لأن حق من عرف النعمة الاعتراف بها وأداء حقها لا إنكارها، وإسناد المعرفة والإنكار المتفرع عليها إلى ضمير المشركين على الإطلاق من باب إسناد حال البعض إلى الكل فإن بعضهم ليسوا كذلك كما هو ظاهر قوله سبحانه:
وأكثرهم الكافرون أي المنكرون بقلوبهم غير المعترفين بما ذكر، والحكم عليهم بمطلق الكفر المؤذن بالكمال من حيث الكمية لا ينافي كمال الفرقة الأولى من حيث الكيفية كذا قيل، وجوز أن يكون الإسناد السالف على ظاهره والمراد أن أكثرهم المصرون الثابتون على كفرهم إلى يوم يلقونه فالتعبير بالأكثر لعلمه تعالى أن منهم من يؤمن، وقيل: المعنى وأكثرهم الجاحدون عنادا، والتعبير بالأكثر إما لأن بعضهم لم يعرف الحق لنقصان عقله وعدم اهتدائه إليه أو لعدم نظره في الأدلة نظرا يؤدي
[ ص: 207 ] إلى المطلوب أو لأنه لم يقم عليه الحجة لكونه لم يصل إلى حد المكلفين لصغر ونحوه وإما لأنه يقام مقام الكل فتأمل.