إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به تعليل لحل ما أمرهم بأكله مما رزقهم، والحصر إضافي على ما قال غير واحد أي إنما حرم أكل هذه الأشياء دون ما تزعمون من البحائر والسوائب ونحوها فلا ينافي تحريم غير المذكورات كالسباع والحمر الأهلية، وقيل: الحصر على ظاهره والسباع ونحوها لم تحرم قبل وإنما حرمت بعد وليس الحصر إلا بالنظر إلى الماضي، وقال
الإمام: إنه تعالى حصر المحرمات في الأربع في هذه السورة وفي سورة الأنعام بقوله سبحانه:
قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة إلخ وهما مكيتان وحصرها فيها أيضا في البقرة وكذا في المائدة فإنه تعالى قال فيها
أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم فأباح الكل إلا ما يتلى عليهم، وأجمعوا على أن المراد بما يتلى هو قوله تعالى في تلك السورة:
حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به وما ذكره تعالى من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع داخل في الميتة وما ذبح على النصب داخل فيما أهل به لغير الله، فثبت أن هذه السور الأربع دالة على حصر المحرمات في هذه الأربع، وسورتا النحل والأنعام مكيتان وسورتا البقرة والمائدة مدنيتان، والمائدة من آخر ما نزل
بالمدينة فمن أنكر حصر التحريم في الأربع إلا ما خصه الإجماع والدلائل القاطعة كان في محل أن يخشى عليه لأن هذه السور دلت على أن حصر المحرمات فيها كان مشروعا ثابتا في أول أمر
مكة وآخرها وأول
المدينة وآخرها، وفي إعادة البيان قطع للأعذار وإزالة للشبه اه فتفطن ولا تغفل
فمن اضطر أي دعته ضرورة المخمصة إلى تناول شيء من ذلك
غير باغ على مضطر آخر
ولا عاد متعد قدر الضرورة وسد الرمق
فإن الله غفور رحيم أي لا يؤاخذه سبحانه بذلك فأقيم سببه مقامه، ولتعظيم أمر المغفرة والرحمة جيء بالاسم الجليل، وقدسها
شيخ الإسلام فظن أن الآية
فإن ربك غفور رحيم فبين سر التعرض لوصف الربوبية والإضافة إلى ضميره صلى الله عليه وسلم وسبحان من لا يسهو.
واستدل بالآية على أن
الكافر مكلف بالفروع .