أم أمنتم أي: بل أأمنتم
أن يعيدكم فيه أي: في البحر الذي نجاكم منه فأعرضتم بركوب الفلك لا في الفلك لأنها مؤنثة وأوثرت كلمة في على كلمة إلى المنبئة عن مجرد الانتهاء للدلالة على استقرارهم فيه
تارة أخرى أي: مرة غير المرة الأولى، وهو منصوب على الظرفية ويجمع على تارات وتير كما في قوله: يقوم تارات ويمشي تيرا وربما حذفوا منه الهاء كقوله:
بالويل تارا والثبور تارا
وإسناد الإعادة إليه تعالى مع أن العود باختيارهم ومما ينسب إليهم وإن كان مخلوقا له سبحانه كسائر أفعالهم باعتبار خلق الدواعي فيهم الملجئة إلى ذلك، وفيه إيماء إلى كمال شدة هول ما لا قوة في التارة الأولى بحيث لولا الإعادة ما عادوا
فيرسل عليكم وأنتم في البحر
قاصفا من الريح وهي الريح الشديدة التي تقصف ما تمر به من الشجر ونحوه أو التي لها قصيف وهو الصوت الشديد كأنها تتقصف أي تتكسر.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: القاصف من الريح الريح التي تغرق، وقيل: الريح المهلكة في البر حاصب، والريح المهلكة في البحر قاصف، والعاصف كالقاصف كما روي عن
عبد الله بن عمرو، وفي رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس تفسير القاصف بالعاصف، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر: «من الرياح» بالجمع
فيغرقكم الله سبحانه بواسطة ما ينال فلككم من القاصف، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر: «فتغرقكم» بالتاء ثالثة الحروف على أن الفعل مسند إلى الريح،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن، nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء: (فيغرقكم) بالياء آخر الحروف وفتح الغين وشد الراء، وفي رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبي جعفر كذلك إلا أنه بالتاء لا الياء، وقرأ
حميد بالنون وإسكان الغين وإدغام القاف في الكاف ورويت عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو وابن محيصن بما كفرتم أي: بسبب كفركم السابق وهو إعراضهم عند الإنجاء في المرة الأولى، وقيل: بسبب كفركم الذي هو دأبكم دائما.
ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا أي: نصيرا كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، أو ثائرا يطلبنا بما فعلنا انتصارا منا أو دركا للثار من جهتنا، فهو كقوله تعالى:
فسواها ولا يخاف عقباها كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، وضمير «به» قيل للإرسال، وقيل: للإغراق، وقيل: لهما باعتبار ما وقع ونحوه كما أشير إليه وكأنه سبحانه لما جعل الغرق بين الإعادة إلى البحر انتقاما في مقابلة الكفر عقبه تعالى بنفي وجدان التبيع فكأنه قيل: ننتقم من غير أن يقوم لنصركم فهو وعيد على وعيد، وجعل ما قبل من شق العذاب كمس الضر في البحر عقبه بنفي وجدان الوكيل فكأنه قيل: لا تجدون من تتكلون عليه في دفعه غيره تعالى لقوله سبحانه:
ضل من تدعون إلا إياه وهذا اختيار صاحب الكشف فلا تغفل.