قوله تعالى:
وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله مقولا فيما بينهم مطلقا خاطب به بعضهم بعضا. وفي مجمع البيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن قائله
يمليخا، والاعتزال تجنب الشيء بالبدن أو بالقلب وكلا الأمرين محتمل هنا، والتعزل بمعناه ومن ذلك قوله:
يا بيت nindex.php?page=showalam&ids=10982عاتكة الذي أتعزل حذر العدا وبه الفؤاد موكل
و «ما» يحتمل أن تكون موصولة وأن تكون مصدرية، والعطف في الاحتمالين على الضمير المنصوب، والظاهر أن الاستثناء فيهما متصل، ويقدر على الاحتمال الثاني مضاف في جانب المستثنى ليتأتى الاتصال أي وإذ اعتزلتموهم واعتزلتم الذين يعبدونهم إلا الله تعالى أو إذا اعتزلتموهم واعتزلتم عبادتهم إلا عبادة الله عز وجل، وتقدير مستثنى منه على ذلك الاحتمال لذلك نحو عبادتهم لمعبوديهم تكلف، ويحتمل أن يكون منقطعا، وعلى الأول يكون القوم عابدين الله تعالى وعابدين غيره كما جاء ذلك في بعض الآثار.
أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبو نعيم عن
عطاء الخراساني أنه قال: كان قوم الفتية يعبدون الله تعالى ويعبدون معه آلهة شتى، فاعتزلت الفتية عبادة تلك الآلهة ولم تعتزل عبادة الله تعالى.
وعلى الثاني يكونون عابدين غيره تعالى فقط، قيل: وهذا هو الأوفق بقوله تعالى أولا:
هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة فتأمل.
وجوز أن تكون ما نافية، والاستثناء مفرغ والجملة إخبار من الله تعالى عن الفتية بالتوحيد معترضة بين إذ وجوابه أعني قوله تعالى:
فأووا أي التجئوا
إلى الكهف ووجه الاعتراض على ما في الكشف أن قوله تعالى:
وإذ اعتزلتموهم فأووا معناه وإذا اجتنبتم عنهم وعما يعبدون فأخلصوا له العبادة في موضع تتمكنون منه فدل الاعتراض على أنهم كانوا صادقين، وأنهم أقاموا بما وصى به بعضهم بعضا فهو يؤكد مضمون الجملة. وإلى كون
فأووا جواب؛ إذ ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء وقيل: إنه دليل الجواب أي: وإذ اعتزلتموهم اعتزالا اعتقاديا فاعتزلوهم اعتزالا جسمانيا أو إذا أردتم الاعتزال الجسماني فافعلوا ذلك. واعترض كلا القولين بأن إذ بدون ما لا تكون للشرط، وفي همع الهوامع أن القول بأنها تكون له قول ضعيف لبعض النحاة أو تسامح لأنها بمعناه فهي هنا تعليلية أو ظرفية، وتعلقها قيل: ب «أووا» محذوفا دل عليه المذكور لا به لمكان الفاء أو بالمذكور والظرف يتوسع فيه ما لا يتوسع في غيره، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء: إذ ظرف لفعل محذوف، أي: وقال بعضهم لبعض، وظاهره أنه عنى بالفعل المحذوف قال وأقول: هو من أعجب العجائب. وفي مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود كما أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: «وما يعبدون من دون الله» وقال
هارون: في بعض المصاحف: «وما يعبدون من دوننا» وهذا
[ ص: 221 ] يؤيد الاعتراض، وفي البحر أن ما في المصحفين تفسير لا قراءة لمخالفته سواد الإمام. وزعم أن المتواتر عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ما فيه.
ينشر لكم يبسط لكم ويوسع عليكم
ربكم مالك أمركم الذي هداكم للإيمان
من رحمته في الدارين
ويهيئ يسهل
لكم من أمركم الذي أنتم بصدده من الفرار بالدين والتوجه التام إلى الله تعالى
مرفقا ما ترتفقون وتنتفعون به، وهو مفعول ( يهيئ ) ومفعول
ينشر محذوف، أي الخير ونحوه
من أمركم على ما في بعض الحواشي متعلق ب «يهيئ» ومن لابتداء الغاية أو للتبعيض، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري: للبدل والمعنى يهيئ لكم بدلا عن أمركم الصعب مرفقا كما في قوله تعالى:
أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة وقوله:
فليت لنا من ماء زمزم شربة مبردة باتت على طهيان
وجوز أن يكون حالا من
مرفقا فيتعلق بمحذوف، وتقديم ( لكم ) لما مر مرارا من الإيذان من أول الأمر بكون المؤخر من منافعهم والتشويق إلى وروده، والظاهر أنهم قالوا هذا ثقة بفضل الله تعالى وقوة في رجائهم لتوكلهم عليه سبحانه ونصوع يقينهم فقد كانوا علماء بالله تعالى.
فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر وجماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: ما بعث الله تعالى نبيا إلا وهو شاب، ولا أوتي العلم عالم إلا وهو شاب وقرأ:
قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم وإذ قال موسى لفتاه و
إنهم فتية آمنوا بربهم وجوز أن يكونوا قالوه عن إخبار نبي في عصرهم به وأن يكون بعضهم نبيا أوحي إليه ذلك فقاله، ولا يخفى أن ما ذكر مجرد احتمال من غير داع.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج وشيبة وحميد وابن سعدان nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر في رواية
الأعشى والبرجمي والجعفي عنه
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو في رواية
هارون: «مرفقا» بفتح الميم وكسر الفاء ولا فرق بينه وبين ما هو بكسر الميم وفتح الفاء معنى على ما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج وثعلب فإن كلا منهما يقال في الأمر الذي يرتفق به وفي الجارحة، ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء أنه قال: لا أعرف في الأمر وفي اليد وفي كل شيء إلا كسر الميم، وأنكر
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي أن يكون المرفق من الجارحة إلا بفتح الميم وكسر الفاء وخالفه
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم وقال: المرفق بفتح الميم الموضع كالمسجد، وقال
أبو زيد: هو مصدر جاء على مفعل كالمرجع، وقيل: هما لغتان فيما يرتفق به، وأما من اليد فبكسر الميم وفتح الفاء لا غير، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء أن أهل
الحجاز يقولون: «مرفقا» بفتح الميم وكسر الفاء فيما ارتفقت به ويكسرون مرفق الإنسان، وأما
العرب فقد يكسرون الميم منهما جميعا اه. وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ فتح الميم والفاء، هذا واستدل بالآية على
حسن الهجرة لسلامة الدين وقبح المقام في دار الكفر إذا لم يمكن المقام فيها إلا بإظهار كلمة الكفر وبالله تعالى التوفيق.