إنهم تعليل لما سبق من الأمر والنهي، والضمير للأهل المقدر في أيها أو للكفار الذي دل عليه المعنى على ما اختاره أبو حيان، وجوز أن يعود على (أحد) لأنه عام فيجوز أن يجمع ضميره كما في قوله تعالى:
فما منكم من أحد عنه حاجزين .
إن يظهروا عليكم أي: يطلعوا عليكم ويعلموا بمكانكم أو يظفروا بكم، وأصل معنى ظهر صار على ظهر الأرض، ولما كان ما عليها يشاهد ويتمكن منه استعمل تارة في الاطلاع، وتارة في الظفر والغلبة وعدي بعلى، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي: «يظهروا» بضم الياء مبنيا للمفعول
يرجموكم إن لم تفعلوا ما يريدونه منكم وثبتم على ما أنتم عليه، والظاهر أن المراد القتل بالرجم بالحجارة، وكان ذلك عادة فيما سلف فيمن خالف في أمر عظيم؛ إذ هو أشفى للقلوب وللناس فيه مشاركة. وقال
الحجاج: المراد الرجم بالقول أي السب، وهو للنفوس الأبية أعظم من القتل
أو يعيدوكم في ملتهم أي: يصيروكم إليها ويدخلوكم فيها مكرهين، والعود في الشيء بهذا المعنى لا يقتضي التلبس به قبل، وروي هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابن جبير، وقيل: العود على ظاهره، وهو رجوع الشخص إلى ما كان عليه، وقد كان الفتية على ملة قومهم أولا، وإيثار كلمة «في» على كلمة «إلى» قال بعض المحققين: للدلالة على الاستقرار الذي هو أشد كراهة، وتقديم احتمال الرجم على احتمال الإعادة؛ لأن الظاهر من حالهم هو الثبات على الدين المؤدي إليه، وضمير الخطاب في المواضع الأربعة للمبالغة في حمل المبعوث على ما أريد منه والباقين على الاهتمام بالتوصية فإن إمحاض النصح أدخل في القبول، واهتمام الإنسان بشأن نفسه أكثر وأوفر.
[ ص: 232 ] ولن تفلحوا إذا أبدا أي: إن دخلتم فيها حقيقة ولو بالكره والإلجاء لن تفوزوا بخير لا في الدنيا ولا في الآخرة، ووجه الارتباط على هذا أن الإكراه على الكفر قد يكون سببا لاستدراج الشيطان إلى استحسانه والاستمرار عليه، وبما ذكر سقط ما قيل إن إظهار الكفر بالإكراه مع إبطان الإيمان معفو في جميع الأزمان، فكيف رتب عليه عدم الفلاح أبدا، ولا حاجة إلى القول بأن إظهار الكفر مطلقا كان غير جائز عندهم، ولا إلى حمل
يعيدوكم في ملتهم على يميلوكم إليها بالإكراه وغيره فتدبر،