وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا إيذانا بأنه عليه السلام يتولى أمورا خفية المراد منكرة الظواهر والرجل الصالح لا سيما صاحب الشريعة لا يتمالك أن يشمئز عند مشاهدتها وكأنه علم مع ذلك حدة
موسى عليه السلام ومزيد غيرته التي أوصلته إلى أن أخذ برأس أخيه يجره، ونصب
خبرا على التمييز المحول عن الفاعل والأصل: ما لم يحط به خبرك، وهو من خبر الثلاثي من باب نصر وعلم ومعناه عرف، وجوز أن يكون مصدرا وناصبه
تحط لأنه يلاقيه في المعنى لأن الإحاطة تطلق إطلاقا شائعا على المعرفة فكأنه قيل: لم تخبره خبرا، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=13617وابن هرمز: «خبرا» بضم الباء. واستدلوا بالآية كما قال الإمام وغيره على أن الاستطاعة لا تحصل قبل الفعل قالوا: لو كانت الاستطاعة حاصلة قبل حصول الفعل لكانت الاستطاعة على الصبر حاصلة قبل حصول الصبر فيكون نفيها كذبا وهو باطل فتعين أن لا تكون قبل الفعل. وأجاب
nindex.php?page=showalam&ids=13980الجبائي بأن المراد من هذا القول أنه يثقل عليك الصبر كما يقال في العرف: إن فلانا لا يستطيع أن يرى فلانا وأن يجالسه إذا كان يثقل عليه ذلك.
وتعقبه الإمام بأنه عدول عن الظاهر وأيد الاستدلال بما أيد، والإنصاف
[ ص: 334 ] أن الاستدلال بها على ما ذكر غير ظاهر لأن المراد ليس إلا نفي الصبر بنفي ما يتوقف هو عليه أعني الاستطاعة وهذا حاصل سواء كانت حاصلة قبل أو مقارنة، ثم إن القول بأن الاستطاعة قبل الفعل ليس خاصا بالمعتزلة بل المفهوم من كلام الشيخ
إبراهيم الكوراني أنه مذهب السلف أيضا، وتحقيق ذلك في محله.