وقوله تعالى :
إنا مكنا له في الأرض شروع في تلاوة الذكر المعهود حسبما هو الموعود ، والتمكين هاهنا الإقدار وتمهيد الأسباب، يقال مكنه ومكن له كنصحته ونصحت له وشكرته وشكرت له وفرق بينهما بأن معنى الأول جعله قادرا ومعنى الثاني جعل له قدرة وقوة، ولتلازمهما في الوجود وتقاربهما في المعنى يستعمل كل منهما في محل الآخر، وهكذا إذا كان التمكين مأخوذا من المكان بناء على توهم ميمه أصلية ، والمعنى: إنا جعلنا له مكنة وقدرة على التصرف في الأرض من حيث التدبير والرأي وكثرة الجنود والهيبة والوقار ، وقيل : تمكينه في الأرض من حيث إنه سخر له السحاب ومد له في الأسباب وبسط له النور فكان الليل والنهار عليه سواء وفي ذلك أثر ولا أراه يصح ، وقيل : تمكينه بالنبوة وإجراء المعجزات ، وروى القول بنبوته
nindex.php?page=showalam&ids=11868أبو الشيخ في العظمة عن
أبي الورقاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه ، وإلى ذلك ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل ووافقه
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك ويعارضه ما أخرجه
ابن عبد الحكم في فتوح
مصر nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=12590وابن الأنباري في المصاحف
وابن أبي عاصم في السنة
nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه من طريق
أبي الفضل أن
ابن الكواء سأل
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا كرم الله تعالى وجهه عن
ذي القرنين أنبيا كان أم ملكا؟ قال : لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن كان عبدا صالحا أحب الله تعالى فأحبه ونصح الله تعالى فنصحه ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد أنه قال :
ذو القرنين بلغ
السدين وكان نذيرا ولم أسمع بحق أنه كان نبيا ، وإلى أنه ليس بنبي ذهب الجمهور وتوقف بعضهم لما
[ ص: 31 ] أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3502984ما أدري أتبع كان لعينا أم لا، وما أدري أذو القرنين كان نبيا أم لا؟ وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا ؟ )
وأنت تعلم أن هذا النفي لم يكن ليستمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيمكن أن يكون درى عليه الصلاة والسلام فيما بعد أنه لم يكن نبيا كما يدل عليه ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه فإنه لم يكن يقول ذلك إلا عن سماع ، ويشهد لذلك ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه عن
سالم بن أبي الجعد قال :
سئل nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه عن ذي القرنين أنبي هو؟ فقال : سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول هو عبد ناصح الله تعالى فنصحه وآتيناه من كل شيء أراده من مهمات ملكه ومقاصده المعلقة بسلطانه (سببا) أي طريقا يوصله إليه وهو كل ما يتوصل به إلى المقصود من علم أو قدرة أو آلة لا العلم فقط وإن وقع الاقتصار عليه في بعض الآثار ، ومن بيانية والمبين سببا، وفي الكلام مضاف مقدر أي من أسباب كل شيء ، والمراد بذلك الأسباب العادية ، والقول بأنه يلزم على التقدير المذكور أن يكون لكل شيء أسباب لا سبب وسببان ليس بشيء ، وجوز أن يكون من تعليلية فلا تقدير، واختاره بعضهم فتأمل ، واستدل بعض من قال بنبوته بالآية على ذلك وليس بشيء كما لا يخفى.