ثم أتبع سببا طريقا ثالثا معترضا بين المشرق والمغرب آخذا من مطلع الشمس إلى الشمال
حتى إذا بلغ بين السدين أي : الجبلين ، قال في القاموس : السد الجبل والحاجز وإطلاق السد عليه لأنه سد فجا من الأرض ، وقيل : إطلاق ذلك عليه هنا لعلاقة المجاورة وليس بذاك ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=17379ويعقوب بضم السين ، والمعنى على ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي واحد ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل ، و " س " : السد بالضم الاسم وبالفتح المصدر ، وقال
ابن أبي إسحاق : الأول ما رأته عيناك والثاني ما لا تريانه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة وأبو عمرو ابن العلاء nindex.php?page=showalam&ids=12078وأبو عبيدة : الأول ما كان من خلق الله تعالى لا دخل لصنع البشر فيه، والثاني ما كان لصنع البشر دخل فيه ، ووجه دلالة المضموم على ذلك أنه بمعنى مفعول ولكونه لم يذكر فاعله فيه دلالة على تعينه وعدم ذهاب الوهم إلى غيره، فيقتضي أنه هو الله تعالى ، وأما دلالة المفتوح على أنه من عمل العباد فللاعتبار بدلالة الحدوث وتصوير أنه ها هو ذا يفعله فليشاهد ، وهذا يناسب ما فيه مدخل العباد على أنه يكفي فيه فوات ذلك التفخيم ، وأنت تعلم أن القراءة بهما ظاهرة في توافقهما وعدم ذكر الفاعل والحدوث أمران مشتركان ، وعكس بعضهم فقال : المفتوح ما كان من خلقه تعالى إذ المصدر لم يذكر فاعله والمضموم ما كان بعمل العباد لأنه بمعنى مفعول، والمتبادر منه ما فعله العباد وضعفه ظاهر ، وانتصاب (بين) على المفعولية لأنه مبلوغ وهو من الظروف المتصرفة ما لم يركب مع آخر مثله ، وقيل : إنه ظرف والمفعول به محذوف وهو ما أراده أو نحوه ، وهذان السدان فيما يقرب من عرض تسعين من جهة الشمال وهو المراد بآخر الجر بياء في كتاب
حزقيال عليه السلام ، وقد ذكر بعض أحبار اليهود أن
يأجوج ومأجوج في منتهى الشمال حيث لا يستطيع أحد غيرهم السكنى فيه، وهم في زاوية من ذلك لكنهم لم يتحقق عندهم أنهم فيما يلي المشرق من الشمال أو فيما يلي المغرب منه ، وهذا موافق لما ذكرناه في موضع السدين وهو الذي مال إليه كاتب جلبي ، وقيل : هما جبلا
أرمينية وأذربيجان، ونسب ذلك إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وإليه يميل صنيع
nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي .
وتعقب بأنه توهم ولعل النسبة إلى الحبر غير صحيحة ، وكان من يزعم ذلك يزعم أن سد
ذي القرنين هو السد المشهور في باب الأبواب وهو مع استلزامه أن يكون
يأجوج ومأجوج الخزر والترك خلاف ما عليه المؤرخون فإن باني ذلك السد عندهم
كسرى أنوشروان ، وقيل :
أسفنديار وهو أيضا لم يبق إلى الآن بل خرب من قبل هذا بكثير ، وزعم أن السد
ويأجوج ومأجوج هناك وأن الكل قد تلطف بحيث لا يرى كما يراه عصرينا رئيس الطائفة المسماة
بالكشفية السيد
كاظم الرشتي ضرب من الهذيان وإحدى علامات الخذلان .
وقال
ابن سعيد : إن ذلك الموضع حيث الطول مائة وثلاثة وستون درجة والعرض أربعون درجة ، وفيه أن في هذا الطول والعرض بلاد
الخنا والجين وليس هناك
يأجوج ومأجوج ، نعم هناك سد عظيم يقرب من مائتين وخمسين ساعة طولا لكنه ليس بين السدين ولا بانيه
ذو القرنين ولا يكاد يصدق عليه ما جاء في وصف سده ، ويمنع من القول بذلك أيضا ما لا يخفى ، وقيل : هما بموضع من الأرض لا نعلمه وكم فيها من أرض مجهولة ولعله قد حال بيننا وبين ذلك الموضع مياه عظيمة ، ودعوى استقراء سائر البراري والبحار غير مسلمة ، ويجوز العقل أن يكون في البحر أرض نحو أمريقا لم يظفر بها إلى الآن، وعدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود،
[ ص: 38 ] وبعد إخبار
الصادق بوجود هذين السدين وما يتبعهما يلزمنا الإيمان بذلك كسائر ما أخبر به من الممكنات ، والالتفات إلى كلام المنكرين ناشئ من قلة الدين
وجد من دونهما أي : السدين (قوما) أمة من الناس قيل هم
الترك ، وزعم بعضهم أن القوم كانوا من الجان وهو زعم باطل لا بعيد كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان .
لا يكادون يفقهون قولا من أقوال أتباع
ذي القرنين أو من أقوال من عداهم لغرابة لغتهم وبعدها عن لغات غيرهم وعدم مناسبتها لها مع قلة فطنتهم إذ لو تقاربت فهموها ولو كثرت فطنتهم فهموا ما يراد من القول بالقرائن فتعلموه ، والظاهر إبقاء القول على معناه المتبادر .
وزعم بعضهم أن
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري جعله مجازا عن الفهم مطلقا أو عما من شأنه أن يقال ليشمل الإشارة ونحوها حيث قال : أي لا يكادون يفهمونه إلا بجهد ومشقة من إشارة ونحوها ، وفيه نظر ، والظاهر أنه فهم من نفي يكاد إثبات الفهم لهم لكن يعسر وهو بناء على قول بعضهم : إن نفيها إثبات وإثباتها نفي وليس بالمختار .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=15833وخلف وابن عيسى الأصبهاني nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ( يفقهون ) من الأفعال أي لا يكادون يفهمون الناس لتلعثمهم وعدم تبيينهم الحروف